responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 394

ذلك المحسن، والمولى الذي * مثله هيهات تلفي خلفا بصفات ومزايا لم يكن * غيره في بعضها متصفا الزعيم الوطني بقلم: الأستاذ أديب الصفدي.
رئيس تحرير جريدة الشعب الدمشقية.
مربوع القامة يميل إلى الطول، صحيح البنية، متناسق الأعضاء حتى يخيل إليك ان الله صاغه على ما يشاء.
وجه أسمر، بعينين سوداوين، يعلوهما حاجبان أبيض شعرهما، بلحية بيضاء مرسلة، وشاربين أبيضين فيهما بعض السواد النادر، ركبا على رأس متوسطة، تناسقت أعضاء الوجه، فلا تحس فيها تنافرا، مهيب وقور، خلع الله عليه جلال العلم، وكرامة النسب، ووقار الشيخوخة، يعتمر بعمامة خضراء كبيرة، هي طراز السادة الاشراف، وكبار مجتهدي الشيعة.
هو بين مجتهدي الشيعة الفحول، في الرعيل الأول مكانة وزعامة، محيط، وعقل نير ونفس كبيرة، واخلاق فاضلة.
كبير الشيعة ومجتهدهم الأعظم في البلاد الشامية غير منازع، وزعيمهم في البلاد السورية غير مدافع. هذا هو السيد محسن الأمين.
جلست إليه مرتين جئته فيهما مسلما مرحبا، اثر وفوده إلى دمشق وأصغيت إلى حديثه، فما والله تركت المجلس الا وانا معجب شديد الاعجاب لا بانسجام الحديث وطلاوته وحبكته ولا بما يزين ذلك من ادراك وفهم وألمعية، ولا بلغته الصحيحة المنتقاة الألفاظ، فسماحته قد بلغ من ذلك كله المكانة التي يغبط عليها، وانما بالروح السامية العالية التي تحبك بين مقاطع حديثه تحبك وتوفق بين معانيها وأغراضها والسمو الذي يتدفق في ألفاظه فيشعرك انك في حضرة الرجل الذي اراده الله للهداية واختاره للزعامة، وزانه لذلك بما شاء من نفس فاضلة، واخلاق سامية، وصفات عالية.
وأرادنا فريق من الاخوان على زيارة السيد محسن الأمين، مسلمين مرحبين، فأجبنا الدعوة، ورحبنا بها، جد فرحين، ذلك انا سنكون في حضرة رجال، نفيد من اجتماعهم فوق قيامنا بواجب الترحب بسيد الشيعة وكبيرها.
واخذنا طريقنا جماعة من رجال الكتلة الوطنية والشباب الوطني، وبعض زعماء الاحياء، إلى أن بلغنا الدار التي نزل بها السيد الأمين، فاستقبلنا رجاله، وقام السيد فرحب بنا من باب الغرفة إلى أن أخذنا مقاعدنا.
ودارت أحاديث المجاملات والترحيب وتفضل سماحته فقال: موجها كلامه إلى رجال الكتلة الوطنية:
لا شك انا معجبون بما تبذلون من جهد موفق لخدمة البلاد مقدرون لمساعيكم وليس من شك في أن العمل الذي انقطعتم له عمل عظيم جليل، ومن يعود إلى حالة البلاد العامة من وجهاتها الأخلاقية والاجتماعية والوطنية يدرك اي عناء هذا الذي تنهضون تحت عبئه الكبير بأداء الرسالة التي وقفتم عملكم وجهدكم وتفكيركم من اجلها وفي سبيلها.
وتناول في كلامه اثر الحكم التركي، في أخلاق البلاد وطبائعها وفساد الإدارة التركية، وما رافقها من شؤون وشجون وغرسها عادات وتقاليد في أخلاق العرب السوريين تنافي الأخلاق العربية القوية هذه التي لا نزال نشهد آثارها وبقاياها في أحوال العشائر البدوية، كالكرم والشجاعة والاباء وعزة النفس، واستقلال الرأي التي تكاد تنعدم، وحلول صفات وسجايا ليست في الأخلاق العربية المذكورة في شئ كالجبن. والذل.
وصغار النفس، والتقليد الأعمى.
وعرض السيد الكريم، إلى ما تقوم به الكتلة الوطنية من مساع محمودة واعمال مشكورة، ومضيها رغم كل ما تصادفه من عراقيل في السبيل الذي تطوعت له، واختيرت من اجله، فأشاد بذلك وأثنى عليه ثناء كبيرا.
وتكلم عن التضامن الوطني، واثره في تكوين مزاج الأمم ونفسياتها، وفعله في نهضتها، وبلوغها حقوقها وأورد الأمثلة والشواهد على ذلك، وروى لنا سماحته المثل التالي:
حصلت شركة إنكليزية أيام الشاة ناصر الدين على امتياز بحصر الدخان بشروط مجحفة، وشاع بين الجمهور، ان أحد كبار مجتهدي الشيعة الإيرانيين، تكلم في وجوب الامتناع عن التدخين، وان رجلا من كبار المجرمين، سمع بفتوى المجتهد الإيراني الكبير وكان جالسا في مقهى عام ليدخن نرجيلة، فما وسعه الا ان كسر النرجيلة وأقسم ان لا يشرب الدخان ابدا، وان الشاة أمر أحد خدمه باحضار نرجيلة فذهب ولم يعد، فكرر الطلب فلم يعد الخادم بها أيضا، وأعاد الكرة بطلب النرجيلة، ولكن الخادم لم يستطع احضارها وسأله الشاة عن أسباب تأخره عن الصدوع بأمره، فأخبره بان سيدات البلاط كسرن سائر النراجيل، ولم تبق واحدة منها في القصر. وان اجماع الإيرانيين على ترك التدخين اضطر الشركة الإنكليزية هي نفسها إلى إلغاء الامتياز.
وكان سماحة السيد الأمين، يحدثنا هذا الحديث فيفهمنا منه قيمة التضامن الوطني، وان الأمة التي لا سلاح لها، ولا قوة تدفع بها عن نفسها ومصالحها باستطاعتها بمثل هذه الوسائل الوصول إلى أغراضها الوطنية.
وكان درسا قيما جليلا، ترك في نفوس السامعين أجمل الأثر وأبلغ العظة.
وامتد الحديث فتناول وجوها شتى كنا نحب ان يشاركنا قراؤنا في الاطلاع عليها، ولقد غالبنا نزعتنا الصحفية في الافضاء للقراء بكل ما سمعنا، وشهدنا، ورأينا. وواجبنا الأدبي في أن نحفظ سر المجلس، الذي تشرفنا بجلوسه، إلى أن تغلب الواجب الأدبي على الواجب الصحفي واكتفينا من الحديث بهذا الذي أجملناه في هذه السطور وانا لنرجو ان لا

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست