responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 378

الضرر بالاجماع وحكم العقل، أما قوله: أ تبكي السماء الخ...
فكلام شعري صرف لا يكون دليلا ولا مؤيدا لحكم شرعي وأما قوله:
وهب أنه لا دليل على الندب فلا دليل على الحرمة فطريف لان الأصل في المؤذي والمضر الحرمة ودفع الضرر واجب عقلا ونقلا، ومثله قوله مع أن الشيعي الجارح لا يعتقد بذلك الضرر، فان الجرح نفسه ضرر أولا وذلك لا يتفاوت فيه الشيعي وغيره فالكل ذو لحم ودم لا دخل فيه للمذهب.
ثم نقول عطفا على قوله أ يقرح الرضا جفون عينيه ولا نتأسى به فتقرح على الأقل صدورنا ونجرح بعض رؤوسنا: اننا لم نركم جرحتم مرة بعض رؤوسكم ولا كلها ولا قرحتم صدوركم من اللطم ولا فعل ذلك أحد من العلماء وانما يفعله العوام والجهلة. أ تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم. يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون.
ونقول عطفا على قوله: أ تبكي السماء والأرض بالحمرة والدم ولا يبكي الشيعي بالدم المهراق من جميع أعضائه: اننا ما رأيناكم أهرقتم دما طول عمركم للحزن من بعض أعضائكم ولا من جميعها فلما ذا تركتم هذا المستحب المؤكد تركا أبديا وهجرتموه هجرا سرمديا ولم يفعله أحد من العلماء في عمره ولو بجرح صغير كبضعة الحجام ولما ذا لم يلبسوا الأكفان ويحملوا الطبول والأبواق وتركوا هذه المستحبات تفوز بها العوام والجهلة دونهم. [1] السيد محسن الأمين يقود معركة الاصلاح بشجاعة وتضحية بقلم الأستاذ جعفر الخليلي صاحب جريدة الهاتف العراقية.
المفروض ان يكون العالم الروحاني رجلا جافا خشنا تدل على ذلك ماكله وملابسه وأفكاره، وسواء أ كان هذا المفروض حقا أم باطلا فقد وجد أن أكثر العلماء الروحانيين عاشوا على هذه الوتيرة يتهيبهم الناس لجفافهم وعدم فهم أفكارهم وترفعهم عما يحوط الناس ويكتنفهم، أما الذين انطبق عليهم تعريف المؤمن بان يكون هشا بشا فقد كانوا قليلين ومن هذا القليل كان السيد محسن الأمين، فقد وعيت أول ما وعيت وانا اسمع باسمه عالما متجددا ينزع إلى اللباب ويدعو للتبسط فمالت نفسي له وقرأت بعض عظاته وأفكاره فدلني المقروء على روحانية من صنف آخر غير ما ألفت ان ارى في النجف على الغالب فهفت نفسي إليه، وكلما ازددت قراءة لأفكاره ازداد ايماني به كعالم افهم ما يقول واعرف ما ذا يريد، وكم كنت وانا صبي أمر على المسجد الهندي والمسجد الطوسي وأخيرا الصحن الشريف في النجف فاسمع العلماء يتدارسون ويتباحثون فكان ذلك عندي كالرطينة، وإذا كان ذلك حقا باعتباره درسا من الفقه أو الأصول الذي هو فوق مستوى الرجال فضلا عن الأطفال فأين الحق في هذا الكلام الذي يتداولون به في مجالسهم ويرسلونه تعبيرا عن أغراضهم، انه لا يزال رطينة من الرطائن لا يستطيع ان يتفهمها كثير من الكبار وجميع الصغار على الاطلاق، ولكن بين هذه الرطائن التي ينطق بها العلماء قد ينطلق من أفواه بعضهم كلام مفهوم لجميع الكبار وكثير من الصغار فترتاح إليه النفوس وينفذ إلى القلوب ولم نعرف سبب هذا الاختلاف حتى قيل لنا ان هذه اللغة المفهومة كلها أو بعضها والروحية التي تدفع بها انما هي روحية المتجددين من العلماء، وكان السيد محسن الأمين في طليعة دعاة التجدد وعنوانا لروحيتهم.
ومن الحق أيضا ان نقول إن هذا الذي سمي بالتجدد لم يكن جديدا وانما كان هو القديم بل هو اللب والأساس من الدين ومن العلوم الاجتماعية ولكن الذي اخرج العلماء على قواعد الايمان التي تتطلب ان يكون العالم هشا بشا هو الذي أخرجهم على مغزى التشريع وقواعد الدين وانتحى بهم ناحية هي وأصول الدين الصحيح على طرفي نقيض فإذا بنا لا نعرف منطوقهم ولا محمولهم ولا ما يهدفون إليه.
وما لنا وهذا الآن وكلما أريد ان أقول بان أول ما جذبني من السيد محسن كان هذا الذي يقوله السيد محسن فيفهمه الناس ويتحسسون بخطره وقيمته، وازددت معرفة به من أبي فقد كان أبي زميله في الدرس مدة طويلة وصديقه مدة إقامة السيد محسن في النجف طالبا للعلم ثم علمت أن للسيد محسن أندادا من العلماء هم الآخرون كانوا ينفذون إلى النفوس بدعواتهم الاصلاحية وأحاديثهم الشهية والفرق بين السيد محسن وغيره هو ان السيد محسن لم يكتف بالكتابة والوعظ والارشاد بل راح يعمل على قدر الطاقة لتنزيه الدين من الشوائب والقضاء على كل تعقيد يوسع الخرق والعمل على تنشئة جيل صالح منذ ان ذهب إلى دمشق هاديا ومرشدا فتوجه إلى تاليف كتب أدبية وأخلاقية مدرسية وتأليف كتب خاصة بتاريخ سيرة الحسين ع وعرضها عرضا مجردا من الشوائب والأكاذيب لاتخاذها مصدرا لخطباء المنابر الحسينية ثم عمل لقيام المدرسة المحسنية في دمشق وإلزام الخطباء بمراعاة خطته في المآتم الحسينية وأول عمل قام به هو تحريم الضرب بالسيوف والسلاسل في يوم عاشوراء ومقاومة الذين يستعملون الطبول والصنوج والأبواق وغيرها في تسيير مواكب العزاء بيوم عاشوراء، فكان هذا أول عمل اتخذ منه مخالفوه ذريعة لمهاجمته وقد أيدهم في نشاط الحملة كونها جاءت متفقة ورغبة العوام والسواد كل الاتفاق واتسعت الحملة وكان الشيخ عبد الحسين صادق في النبطية والسيد عبد الحسين شرف الدين في صور ممن خالف السيد محسن الأمين فبعثت هذه المخالفة في نفس السيد محسن روحا جديدة زادته حماسة وثورة في وجه القائلين بجواز الضرب بالسيف على الرؤوس في يوم عاشوراء فأصدر رسالة التنزيه.
واتجه الجميع إلى كبار العلماء يستفتونهم في أمر الضرب بالسيف كمظهر من مظاهر الحزن على أبي عبد الله الحسين فأفتى المرحوم السيد أبو الحسن الأصفهاني بحرمة الضرب بالسيف، وقال ما مضمونه ان استعمال السيوف والسلاسل والطبول والأبواق وما يجري اليوم أمثاله في مواكب العزاء بيوم عاشوراء انما هو محرم وهو غير شرعي.
وكان المرحوم السيد أبو الحسن لم ينفرد بعد بالزعامة الروحية بل كان في طريق انفراده بها وكان له منافسون من العلماء فكادت تجمع فتاوى منافسيه على خلافه وتبعهم في ذلك كل الشيعة الا القليل، ودوت هذه الفتاوى المخالفة للسيد أبو الحسن الذي أيد السيد محسن في جميع الأندية والمجالس، وتبناها الخطيب الشهير السيد صالح الحلي وقد كان من مشاهير الخطباء الذين قلما تجود الطبيعة بأمثالهم من حيث القدرة والخبرة

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 378
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست