responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 348

المنظومة، فقبلوا لما لم يجدوا بدا من ذلك. وقال لي: الأولى ان تقرأ معهم، فأبيت وقلت لا بد لي من اكمال المعالم فقال لي أنت ذو فهم ويمكنك ان تقرأ معهم ولا يفوقونك فهما. فقلت: انا اعرف بنفسي، ولا استعمل الطفرة. نعم يمكن ان اقرأ معهم ولا اترك درس المعالم، فقر الرأي على هذا بعد اصرار مني. وحضرت في اليوم الثاني ومعي المعالم، فقرأ الجماعة درسهم وسمعته معهم وفهمته كما فهموه، ثم قرأت عبارة درسي في المعالم، فلما فرغت قال: أ ليست هذه العبارة مفهومة قلت بلى وأطبقت الكتاب وانصرفت، وفي اليوم الثاني لم أحضر معي المعالم، فسألني، فقلت: حيث إن الغرض من احضارها هو قراءة العبارة فقط، فانا اقرأها لوحدي.
وكان همه مصروفا إلى الوعظ والارشاد واصلاح المجتمع، أكثر من انصرافه إلى التدريس، وهذا أمر مرغوب فيه فلا غرو ان اتبعه، ولكل مصلح في هذه الحياة رأي فيتبع ما يراه أصلح، وقد يكون غيره أصلح منه. وبعد قليل طلب وجوه البلاد لأمر لو تم لكان فيه من الحزم وجودة الرأي وبعد النظر في عواقب الأمور ما لا يخفى لكنه لم يتم، وهم خليل بك الأسعد والحاج حسين فرحات واخوه الحاج حسن والحاج علي أبو خليل والحاج سليمان البزي، فقال لهم قولا معقولا: وهو اني حضرت إلى هذه البلاد لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر. وهذا لا يتم الا بان أكون مستغنيا عن الناس وذلك يتوقف على أن تجمعوا لي من البلاد ما اشتري به مزرعة تقوم بكفايتي. وهذا الكلام لو قيل في مثل إيران أو العراق لكان له وجه.
إما في جبل عامل التي يغلب على أهلها الفقر ولم يسبق لأحد من علمائها ان طلب مثل هذا الطلب، وكل علمائها قانع بالقليل من عهد الشهيد الثاني الذي كان يحرس كرمه ليلا بنفسه وبنى داره بيده، فلم يكن من المحتمل ان يجيبوا إلى مثل هذا الطلب لذلك اجابه الحاج حسين فرحات من بينهم، بأنه لا لزوم للجمع من أهل البلاد، بل نحن الموجودين، نقوم بثمن مزرعة لأن ثمنها لا يزيد عن ألفي ليرة ذهبية. فخليل بك يدفع خمسمائة والحاج سليمان خمسمائة، والحاج علي أبو خليل خمسمائة وانا وأخي خمسمائة ولكننا نجعلها وقفا على العالم القائم بوظيفة العلم في جبل عامل.
وبقي الناس ينتظرون ان يعلموا لما ذا كان هذا الاجتماع، وما ذا كانت نتيجته، فسألوا الحاج حسين فأخبرهم، وقال نحن فقراء، وعالمنا يعيش كما نعيش، وقد اعتدنا ان يجئ العالم، فواحد منا يقدم له فرسا، وواحد شيئا من المال وهكذا... أما إذا كنا نريد ان نشتري لكل عالم مزرعة فلا يمضي زمن قليل حتى يصبح جبل عامل كله ملكا للعلماء. فأين نذهب نحن.
وانفض ذلك الاجتماع عن غير جدوى. وكان من فتواه ان الضدين الواجبين واحدهما موسع والآخر مضيق إذا فعل الموسع دون المضيق اثم وصح الموسع وهو الأصح وان من عنده عقار لا يكفيه نماؤه لا يجوز له تناول الحق الذي للفقراء بل عليه ان يبيع العقار ويصرف ثمنه ثم يتناول من الحق. ومن الطرائف اننا جلسنا مرة في ارض ومعنا خالي الشيخ حسين فلحة وسيد فقير اسمه السيد إسماعيل دقة فقال السيد هذه الأرض لي فقال له خالي اسكت الآن يسمع بك فلان فيمنعك من اخذ الخمس فضحك الحاضرون. ولما لم نجد فائدة في البقاء رجعنا إلى وطننا وكذلك باقي الطلاب تفرقوا وعادوا إلى أوطانهم وانصرف السيد إلى ما هو بنظره أهم من الدرس من اصلاح المجتمع بالوعظ والارشاد والى الأسفار لا سيما في شهر رمضان لتعميم المنفعة وتخليص الناس مما عليهم من الحقوق المالية.
ولما وجدت ان لا فائدة لي من البقاء في بنت جبيل خرجت منها وعدت إلى وطني في شقرا وعظم الأمر على والدي فطلب إلى صديق له في بنت جبيل يسمى السيد احمد بوصي ان يقنعني بالعودة إليها فقلت له انا لو علمت بدرس في رأس جبل الثلج لذهبت إليه، ولكنني آيس من وجود الدرس في بلدكم وبقيت مثابرا على المطالعة والتدريس المتيسر حسب عادتي واجتمع عندي عدة من الطلاب في علم العربية من النحو والصرف والبيان فيستفيدون مني ولا استفيد منهم، وقرأت في هذه المدة شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد بكلا جزئيه وكان والدي احضره معه من العراق وبقيت معطلا من الاستفادة لعدم وجود الشيوخ.
سفرنا إلى العراق سنة 1308 وبقينا على هذه الحال نتشاغل بالتعليم والمطالعة أربع سنين من سنة 1303 التي توفي فيها الشيخ موسى إلى سنة 1308 فحضر إلينا الشيخ حسين مغنية فقال لي قد صح عزمنا على السفر إلى العراق لطلب العلم فلتكن معنا فقلت له ما أشوقني إلى ذلك ولكن قد ترى حالة والدي فكلمه في ذلك، وكان الوالد راغبا في ذلك كرغبتي فيه لكن عجزه وذهاب بصره وفقد المعين يمنعه عن ذلك، فقال لي الوالد استخر بذات الرقاع فان خرجت جيدة فالله يتولى تدبير أموري والا فأكون قد أعذرت فتوضأت وذهبت إلى المسجد بنية خالصة وتضرع واستخرت بذات الرقاع فخرجت جيدة فأخبرت والدي وتهيات للسفر مع العيال ولم يكن معي من النفقة درهم واحد فهيا الله تعالى في مدة قصيرة من بيع بعض الحبوب وغيره نحوا من 25 ليرة فرنسية ذهبا.
وسرنا على اسم الله تعالى من شقرا في آخر يوم من شهر رمضان المبارك وبتنا في قرية دير قانون النهر وفي الصباح سرنا قاصدين صيدا فبتنا فيها ثم رحلنا قاصدين بيروت فوصلناها مساء، ودعانا فيها صديقنا القديم من أيام الامتحان محمد أفندي اللبابيدي مأمور الاجراء لتناول العشاء في داره، وحضرنا يوما إلى مكتبة الشيخ احمد عباس بجانب الجامع العمري الكبير وكان هو واللبابيدي يطبعون ديوان الشريف الرضي عن نسخة المرحوم الشيخ عبد الله نعمة فجئ بملزمة إلى المكتبة فإذا فيها هذا البيت:
وموقف صافحت أيدي الرجال به طلى الرجال على الخرصان من كثب فوجدتهم فسروا كلمة الخرصان بقولهم: الخرص شئ يوضع في الأذن فقلت لهم هذا خطا فالخرص هنا ليس له محل والا لكان المعنى انهم يطعنونهم في آذانهم، بل الخرصان هنا أطراف الرماح، فسألوني حينئذ عن معنى قسيم النار في قول الشريف: قسيم النار جدي يوم تلقى فقلت لهم هذا إشارة إلى ما يروى عن النبي ص من قوله: يا علي أنت قسيم النار تقول هذا لي وهذا لك وكان الشيخ أبو الحسن الكستي شاعر ببيروت حاضرا فلم يعجبه هذا التفسير فقال الشيخ احمد عباس هاتوا تاج العروس ولم أكن رأيته قبل ذلك ولا سمعت باسمه لأنه طبع حديثا فجئ به فإذا فيه في مادة قسم قال رسول الله ص يا علي أنت قسيم النار تقول هذا لي وهذا لك. وسألوني عن معنى قول الشريف الرضي:

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست