responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 335

لينعمنك عينا بالفعال فقد * علمت من ذا الذي أبقيت من خلف والدهر يعلم من نابت نوائبه * فتى لغير اله العرش لم يخف ان تصبحي من حلول الموت في تلف * فإنما خلق الإنسان للتلف قد كان يمنعها بعدي القرار ولو * دنا المزار لفرط الحب والشغف فكيف واليوم عاد الحشر موعدنا * والشمل منا شتيت غير مؤتلف جد المؤلف لأبيه إما جد المؤلف لأبيه السيد علي فكان فقيها رئيسا ذا شهرة واسعة وتأتي ترجمته وترجمة باقي الأجداد في محالها وبعضها تقدم في محله.
جده لأمه إما جده لأمه الشيخ محمد حسين فلحة العاملي الميسي من آل رزق فكان عالما فاضلا صالحا ورعا تقيا شاعرا قرأ في مدرسة جبع ثم سافر إلى النجف الأشرف لطلب العلم مع ولده خالنا الشيخ حسين فلحة فأقام في النجف مدة ثم توفي.
خال المؤلف وكان ولده خالنا المذكور غاية في الفهم والذكاء وحدة الخاطر شهما كريما سخيا أبي النفس عالي الهمة بقي في النجف مدة بعد وفاة والده ثم عاد إلى جبل عامل وتوفي في قرية ميس قبل عودتنا من العراق للمرة الأولى بمدة يسيرة وكان له أخ يسمى الشيخ احمد مرت ترجمته.
جدة المؤلف لأبيه هي بنت السيد إبراهيم خلف الحسيني من شقراء تزوجت بعد وفاة زوجها جدنا السيد علي بالحاج ظاهر عجمي من أرنون الشقيف.
تعلم القرآن الكريم بعد ما بلغت سن التمييز وأظن أن سني لم يتجاوز يومئذ السبع وذلك بين سنة 1291 و 1292 وكنت وحيد أبوي ذهبت بي الوالدة إلى معلم القرآن في القرية فلما دخلت مكان التعليم ضاق صدري ضيقا شديدا وجزعت جزعا مفرطا أولا لأن ذلك طبيعة الأطفال ثانيا لما كان في التعليم من القساوة فالفلقة معلقة في الحائط فوق رأس المعلم وهي خشبة بطول ثلاثة أشبار تقريبا مثقوب طرفاها وفيها حبل دقيق يوضع فيها الساقان وتشد عليهما وعنده عصوان طويلة وقصيرة والأطفال جلوس إلى جانبه فإذا غضب المعلم على واحد لذنب هو من الصغائر وهو قريب منه تناوله ضربا على رجليه بالعصا القصيرة فإن كان بعيدا عنه ضربه عليها بالعصا الطويلة وإذا غضب على الجميع تناولهم بالضرب على أرجلهم بالعصا الطويلة وهم جلوس صابرون على هذا البلاء خوفا من الأشد منه وهو الفلقة. وإذا غضب المعلم على واحد لذنب هو عنده من الكبائر كان يهرب فرارا مما يلاقيه، ارسل المعلم الأطفال الكبار ليأتوا به كما يرسل رئيس الشرطة أو الدرك جنوده لإحضار من يريد عقابه فان حضر معهم مشيا على الأقدام والا حملوه مشهرا بين الناس وهو يبكي ويصيح ولا من مجيب وهم في أثناء ذلك ينشدون الأناشيد في ذمه فيضعونه امام المعلم معتزين فرحين فيأمرهم ان يلقوه على ظهره ويرفعوا رجليه ثم يتناول الفلقة ويضع رجليه بين الحبس والخشبة ويفتل الخشبة حتى يقبض الحبل على رجليه قبضا شديدا ويمسك بأحد طرفي الخشبة واحد قوي من التلاميذ وبالطرف الآخر مثله ثم ينهال المعلم ضربا على رجليه بعصا دقيقة أو قضيب وهو يبكي ويصيح ويستغيث فلا يغاث والمعلم يقول له تهرب بعد يا خبيث فيقول له والله يا شيخي ما عدت أهرب أبدا إما عدد الجلدات فليس له حد في شرع المعلمين وليس هو كحد الزنا وشرب الخمر له مقدار معين بل هو من نوع التعزير الموكول أمره في الشرع إلى نظر الامام وهذا موكول أمره إلى نظر المعلم فيختلف بحسب اختلاف ذنب الطفل وتكرره منه ومقدار درجة عقل المعلم وتفاوت حاله في الغضب وحظ الطفل في السعادة والتعاسة ثم يأمر الشيخ بفك الفلقة عن رجليه ويقوم الطفل يمسح دموعه ويجلس في مكانه والأطفال ينظرون إليه شزرا متبسمين تبسما خفيا ولا يقل ألمه من ذلك عن ألمه من الضرب ثم يعلق الشيخ الفلقة في الوتد المثبت في الحائط وهذه الفلقة لا تزال معلقة هناك يراها الصبيان رمزا إلى أن من أتى بذنب فهذه معدة له ولا يتكلم أهل الطفل في شانه بشئ بل يقولون للمعلم لك اللحم ولنا الجلد والعظم اعتقادا منهم ان ذلك في مصلحته وانه محتاج إلى التأديب لذلك لا يجسر الطفل إذا هرب ان يأتي إلى بيت أهله ولا يتوقف المعلم عن تأديبه بأي نوع من أنواع التأديب.
فبقيت ذلك اليوم عند المعلم وما أظن اني أكملته وما تعلمت شيئا وفي اليوم الثاني أبيت الذهاب إلى المعلم، ولم يشاؤوا ان يجبروني على ذلك لكوني وحيد أبوي وشدة شفقتهما علي فتولت الوالدة تعليمي القرآن إما الوالد فهو وإن كان لا يقصر عنها اهتماما بتعليمي لكنه لا يراقبني كمراقبتها. إما الخط فكان شيوخ العائلة الجيدو الخط يكتبون لي قاعدة على لوح من التنك بمداد من تراب أبيض ثم على الورق إلى أن ختمت القرآن وتعلمت الخط في مدة يسيرة ثم لما أخذت في طلب العلم كنت اكتب في وقت العطلة على بعض الخطاطين.
ولم يكن لي في حال الصغر رغبة فيما يعتاده الصبيان من اللعب وان كنت أتعاطاه قليلا.
وقد تعلمت السباحة وركوب الخيل والمطاردة لتعارف ذلك في المحيط الذي نحن فيه لكن ما تعلمت الصيد بالبندقية لأن ذلك يعاب على من يطلب العلم ولا أطلقت يوما بندقية ولا مسدسا الا مرة واحدة كانت عندنا بندقية صيد يأخذها فلاحنا معه إلى الحقل يصطاد بها فاستعصت مرة الدكة التي فيها ولم تثر فتناولتها وانا صغير السن وحركت الزناد فثارت.
وكنت يوما مع جماعة في بعض متنزهات دمشق ومعهم مسدس فصوبته إلى شجرة وغمضت عيني وأطلقته فأصاب المرمى.
ويظهر ان هذه الطريقة وهي الشدة في التأديب على الصبيان كانت متبعة في القديم من المعلمين حتى مع أولاد الخلفاء والملوك والأمراء. فقد رووا ان المأمون أبطأ على المعلم فلما حضر ضربه المعلم فبكى فبينا هو يبكي إذ قيل جاء الوزير البرمكي فمسح المأمون دموعه وسوى عليه ثيابه وجلس كما ينبغي لابن الخليفة ان يجلس مع الوزير ثم قال ليدخل فدخل وحادثه ساعة ثم انصرف ونظر المأمون إلى المعلم وقد تغير فسأله عن سبب تغيره فقال خفت ان تخبره بما جرى فينالني منه سوء فقال سامحك الله عن هذا وخذ في وردك ولا تفكر في شئ مما جرى وكيف يمكن ان اخبره به وبعد

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست