responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 73

أقول: التقليد آفة للعقول ليس مثلها آفة وهو الذي حمل الأمم على عبادة الأحجار والحيوانات الصامتة والكواكب المسخرة وهم ذوو ألباب راجحة وإفهام حادة وعقول صحيحة وهو الذي حمل مشركي قريش على إنكار القرآن العظيم مع ما فيه من معجز البلاغة والفصاحة الذي بهر عقولهم حتى سموه سحرا وعلى القدح في ذات النبي ص أكمل الخلق مع ما عرفوه قبل النبوة من علو صفاته ورجاحة عقله فقالوا: ساحر أو مجنون وهو الذي حدا بالأمم السالفة إلى إنكار نبوة الأنبياء مع سطوع برهانهم فكانت أكبر حجة لهم إنا وجدنا آباءنا... التقليد. التقليد آفة للأفهام وأي آفة وحجاب لنور العقل وأي حجاب، الصبي في صباه إذا قال شيئا وسئل عن حجته فيه يقول هكذا قال أبي أو قالت أمي والتلميذ أكبر حجة له هكذا قال معلمي. جمع السيد الرضي وهو من أهل بغداد كتابا من كلام أمير المؤمنين ع سماه نهج البلاغة اختاره من كلامه اختيار اليتيمة من بيت الجواهر في عصر كانت فيه مكاتب بغداد حافلة بملايين المخطوطات من كتب الاسلام التي جمعت في قرون وكانت مكتبة أخيه المرتضى التي له النظر فيها الوحيدة من بينها مع ما اجتمع عنده وعند أخيه في مكاتبهما الخاصة من مئات الألوف من نفائس الكتب. ولم يكن اسم أحق بمعناه من هذا الاسم بمسماه وقد اشتهر الكتاب في عصر جامعه وانتشر ولم يكن جامعه من الخاملين في عصره ولا الكتاب مما يستهان به ولا منشئه من المغمورين فلو كان أكثر ما فيه منحول مدخول كما يقول الأديب الزيات في تاريخ الأدب العربي لرده علماء ذلك العصر وما قبلوه وبينوا وجه الانتحال فيه وأظهروه فشاع وذاع لكنا لم نجدهم نبسوا ببنت شفة بل تلقوه بالقبول والاعظام حتى خلف من بعدهم خلف رأوا فيه الخطبة الشقشقية التي إن لم تزد عن سائره فصاحة وبلاغة وحسن أسلوب فلا تنقص والتي يعلم كل ناظر منصف فيها أن هذا الثمر من ذلك الشجر وهذه الدرة من تلك الدرر فوجدوا فيها ما يخالف تقليدهم الموروث من تصريحه بأنه أحق ممن تقدمه بالخلافة والإمامة فقامت لذلك قيامتهم ورأوا أحسن وسيلة للدفاع عن تقليدهم إنكار أن تلك الخطبة من كلامه. ثم رأى قوم أن إنكارها وحدها يوجب الظن والتهمة فحاولوا إنكار الكتاب برمته وجاء آخرون فرأوا أن إنكاره برمته قد لا يمكن فلجأوا إلى القول بان فيه المدخول وسرى هذا الداء إلى أدباء العصر وفضلائه والذين أخذوا على أنفسهم نبذ التقليد ولكنهم وقعوا فيه من حيث لا يعلمون فليس كل من يريد نفي صفة عنه يمكنه ذلك حتى قال الشيخ محيي الدين الخياط وهو من الممتازين في هذا العصر بالفضل والأدب والتنقيب: لولا مازج فيه....
وجاء الفاضل الزيات الذي يريد أن يحيي تاريخ الأدب العربي فحكم حكما جازما قاطعا باتا بان أكثر ما فيه منحول مدخول ولم يأت على ذلك ببينة ولا برهان سوى اعترافه بأنه بحق يفتح للناظر فيه أبواب البلاغة ويقرب عليه طلابها وسوى نقلة الاجماع على أنه أخطب المسلمين وإمام المنشئين وبان خطبه وعهده للأشتر تعد من معجزات اللسان العربي وبدائع العقل البشري لكن قلمه لم يطاوعه على الجزم بنسبة عهد الأشتر إليه فاردفه بقوله إن صح وليت شعري ما الذي رابه من صحته أ كونه من معجزات اللسان العربي؟ ومن أحق بمعجزاته من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؟
أم كون ناقله الشريف الرضي ومن أثبت منه نقلا وأصدق قيلا وأثبت عدالة وتقوى؟ وليس في العهد ما في الشقشقية لينافي التقليد الموروث وليت شعري كيف صح له أن يحكم هذا الحكم الجائر ونهج البلاغة مجموع من كتب تفوت الحصر ومنتخب جل كلامه القصير من كلام طويل فهل أطلع على جميع الكتب والخطب والرسائل وبحث عنها فوجدها مكذوبة.
وهذه شهادة على النفي غير مقبولة ومن ذا الذي يستطيع الجزم بكذب كلام كثير كهذا بمجرد رؤيته. وقد أدى حب نصرة المعتقد إلى أن يقول الذهبي الدمشقي في ميزانه البعيد عن الاعتدال أن كلام نهج البلاغة ركيك وأنه لا يشابه كلام القرشيين مع أنه لم يعرف أن جامعه الرضي أو المرتضى وهذا ليس بعجيب أن يقع مثله من البشر بعد ما رأينا من جعل كلام الله تعالى القرآن باطلا وشعرا، وهكذا عمد أخواننا هؤلاء إلى أعظم مفخرة من مفاخر الاسلام فانكروها وأبطلوها وبرئوا منها. سامحكم الله أيها الإخوان أنكم لم تستطيعوا ولن تستطيعوا إخمال ذكر نهج البلاغة والحط من قدره كما لم يستطع أحد الحط من قدر القرآن لا في عصر النبي ص ولا من المبشرين في هذا العصر فالشمس لا تحتاج بعد نورها إلى شاهد ومعرف.
إن نهج البلاغة المكذوب على علي ع بزعمكم أو الذي هو ركيك العبارة عند الذهبي الدمشقي أو الذي أكثره منحول مدخول على رأي الفاضل الزيات قد شرح حتى اليوم بعشرات الشروح وطبع منها الألوف وطبع منه الملايين.
ليس في إمكان الشريف الرضي مع علو قدره ولا غيره أن يأتي بما يضارع نهج البلاغة وكلام الرضي كثير معروف مشهور لا يشبه شئ منه نهج البلاغة ولا يدانيه.
إننا نرى الفاضل الزيات لم يخل من شبه التدافع في كلامه فهو يسلم بان نهج البلاغة بحق يفتح للناظر فيه أبواب البلاغة ويقرب عليه طلابها وإن فيه حاجة العالم والمتعلم وبغية البليغ الزاهد ويضئ في أثنائه من الكلام في التوحيد والعدل نور ساطع يجلو كل شبهة وإن عليا بالاجماع أخطب المسلمين وإمام المنشئين وإن خطبه في الحث على الجهاد ورسائله إلى معاوية ووصفه الطاووس والخفاش والدنيا وعهده للأشتر تعد من معجزات اللسان العربي ثم يحكم حكما جازما بان كثيرا مما فيه منحول مدخول.
وإذا رأينا رجلا قاده انصافه وطبعه إلى الاعتراف بنهج البلاغة والثناء عليه علقت على كلامه الشروح والحواشي بأكثر مما يعلق على الأقوال الباطلة وكتب الضلال بل كثير من ذلك نشر واشتهر ولم يعلق عليه أحد حرفا واحدا.
هذا الفاضل الآلوسي يقول في كتابه بلوع الإرب في معرفة أحوال العرب ج 3 ص 180: هذا كتاب نهج البلاغة قد أستودع من خطب الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه ما هو قبس من نور الكلام الإلهي وشمس تضئ بفصاحة المنطق النبوي اه‌.
ولكن المعلق على الكتاب المذكور الشيخ محمد بهجة الأثري لم تهضم طبيعته هذا الكلام ولم يستطع السكوت عليه فعلق عليه بهذه العبارة: كان ابن سيرين يرى عامة ما يروون عن علي رضي الله عنه كذبا لا أصل له ولا سند، قال الشيخ العلامة المقبلي في العلم الشامخ وصدق ابن سيرين رحمه الله فان كل قلب سليم وعقل غير زائغ عن الطريق القويم ولب تدرب في مقاصد سالكي الطريق المستقيم يشهد بكذب كثير مما في نهج البلاغة الذي صار عند الشيعة عديل كتاب الله بمجرد الهوى الذي أصاب كل عرق منهم ومفصل، وليتهم سلكوا مسلك جلاميد الناس وأوصلوا ذلك إلى علي

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست