responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 613

فضربت فرسي حتى رجعت فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسي وتخطأت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط وكان علي بن الحسين ع داخلا فخرج ومعه خرقة يمسح بها دموعه وخلفه خادم معه كرسي فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك من العبرة وارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية يعزونه فضجت تلك البقعة ضجة شديدة فاوما بيده أن اسكتوا فسكنت فورتهم فقال: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين بارئ الخلائق أجمعين الذي بعد فارتفع في السماوات العلى وقرب فشهد النجوى نحمده على عظائم الأمور وفجائع الدهور وألم الفجائع ومضاضة اللواذع وجليل الرزء وعظيم المصائب الفاظعة الفادحة الجائحة أيها القوم إن الله وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة وثلمة في الاسلام عظيمة قتل أبو عبد الله وعترته وسبي نساؤه وصبيته وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان وهذه الرزية التي لا مثلها رزية أيها الناس فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله أم أي فؤاد لا يحزن من أجله أم أي عين منكم تحبس دمعها وتضن عن انهما لها يا أيها الناس أي قلب لا ينصدع لقتله أم أي فؤاد لا يحن إليه أم أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام ولا يصم أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين عن الأمصار من غير جرم اجترمناه ولا مكروه ارتكبناه ولا ثلمة في الاسلام ثلمناها ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هذا إلا اختلاف والله لو أن النبي ص تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا فانا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظها وأفظعها وأمرها وأفدحها فعند الله نحتسب فيما أصابنا وما بلغ منا أنه عزيز ذو انتقام.
ثم دخل زين العابدين ع إلى المدينة فرآها موحشة باكية ووجد ديار أهله خالية تنعي أهلها وتندب سكانها ولنعم ما قال الشاعر:
- مررت على أبيات آل محمد * فلم أرها أمثالها يوم حلت - - فلا يبعد الله الديار وأهلها * وإن أصبحت منهم برغم تخلت - بعض أحوال يزيد وما فعله مع ابن زياد في جواهر المطالب لأبي البركات شمس الدين محمد الباغندي كما في نسخة مخطوطة في المكتبة الرضوية المباركة ما لفظه: حكى ابن الفوطي في تاريخه قال: كان ليزيد قرد يجعله بين يديه فيكنيه بأبي قيس ويسقيه فضل كاسه ويقول هذا شيخ من بني إسرائيل أصابته خطيئة فمسخ، وكان يحمله على أتان وحشية قد ريضت له ويرسلها مع الخيل في حلبة السباق فحمله يوما عليها فسبقت فسر وانشد:
- تمسك أبا قيس بفضل زمامها * فليس عليها أن سقطت ضمان - - فقد سبقت خيل الجماعة كلها * وخيل أمير المؤمنين أتان - وجاء يوما فطرحته الريح فمات فحزن عليه حزنا شديدا وأمر بتكفيه ودفنه وأمر أهل الشام أن يعزوه فيه وأنشأ يقول:
- ما شيخ قوم كرام ذو محافظة [1] * إلا أتانا يعزي في أبي قيس - - شيخ العشيرة أمضاها وأجملها * إلى المساعي على القربوس والريس - - لا يبعد الله قبرا أنت ساكنه * فيه جمال وفيه لحية التيس - وقال سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص: استدعى يزيد ابن زياد إليه وأعطاه أموالا كثيرة وتحفا عظيمة وقرب مجلسه ورفع منزلته وأدخله على نسائه وجعله نديمه، وسكر ليلة وقال للمغني غن ثم قال يزيد بديها:
- اسقني شربة تروي فؤادي * ثم مل فاسق مثلها ابن زياد - - صاحب السر والأمانة عندي * ولتسديد مغنمي وجهادي - - قاتل الخارجي أعني حسينا * ومبيد الأعداء والحساد - وقال ابن عقيل: ومما يدل على كفره وزندقته فضلا عن سبه ولعنه أشعاره التي أفصح بها بالالحاد وأبان عن خبث الضمائر وسوء الاعتقاد قوله في قصيدته التي أولها:
- علية هاتي واعلني وترنمي * بذلك إني لا أحب التناجيا - - حديث أبي سفيان قدما سما بها * إلى أحد حتى أقام البواكيا - - الا هات سقيني على ذاك قهوة * تخيزها العنسي كرما شاميا - - إذا ما نظرنا في أمور قديمة * وجدنا حلالا شربها متواليا - - وإن مت يا أم الأحيمر فانكحي * ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا - - فان الذي حدثت عن يوم بعثنا * أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا - - ولا بد لي من أن أزور محمدا * بمشمولة صفراء تروي عظاميا - قلت ومنها قوله:
- معشر الندمان قوموا * واسمعوا صوت الأغاني - - واشربوا كأس مدام * واتركوا ذكر المغاني المثاني - - شغلتني نغمة العيدان * عن صوت الاذان - - وتعوضت عن الجو * ر عجوزا في الدنان - إلى غير ذلك مما نقلته من ديوانه ولهذا تطرق إلى هذه الأمة العار بولايته عليها حتى قال أبو العلاء المعري يشير بالشنار إليها:
- أرى الأيام تفعل كل نكر * فما أنا في العجائب مستزيد - - أ ليس قريشكم قتلت حسينا * وكان على خلافتكم يزيد - قلت ولما لعنه جدي أبو الفرج على المنبر ببغداد بحضرة الامام الناصر وأكابر العلماء قام جماعة من الجفاة من مجلسه فذهبوا فقال جدي: ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود. وحكى لي بعض أشياخنا عن ذلك اليوم أن جماعة سألوا جدي عن يزيد فقال: ما تقولون في رجل لي ثلاث سنين: في السنة الأولى قتل الحسين وفي الثانية أخاف المدينة وأباحها وفي الثالثة رمى الكعبة بالمجانيق وهدمها؟ فقالوا: نلعن، فقال: فالعنوه. وقال جدي في كتاب الرد على المتعصب العنيد: قد جاء في الحديث لعن من فعل ما لا يقارب عشر معشار فعل يزيد وذكر الأحاديث التي ذكرها البخاري ومسلم في الصحيحين مثل حديث ابن مسعود عن النبي ص أنه لعن الواشمات والمتوشمات، وحديث ابن عمر لعن الله الواشمة والمتوشمة وحديث جابر لعن رسول الله ص آكل الربا وموكله الحديث وحديث ابن عمر في مسند أحمد لعنت الخمر على عشرة وجوه الحديث وأورد أخبارا كثيرة في هذا الباب وهذه الأشياء دون فعل يزيد في قتله الحسين وإخوته وأهله ونهب المدينة وهدم الكعبة وضربها بالمجانيق وأشعاره الدالة على فساد عقيدته. ومن رام الزيادة على هذا فليقف على كتابه المسمى بالرد على المتعصب العنيد اه.


[1] الذي في الأصل: كم قوم كرام ذو محافظة، فأصلحناه بما ذكر.

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 613
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست