responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 567

زياد في عمله وخاف معاوية جانبه فكتب إليه كتابا يتهدده فيه من جملته:
من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن عبيد أما بعد فإنك عبد قد كفرت النعمة واستدعيت النقمة إنك لا أم لك بل لا أب لك ظننت انك تخرج من قبضتي ولا ينالك سلطاني أمس عبد واليوم أمير خطة ما ارتقاها مثلك يا ابن سمية إذ اتاك كتابي هذا فخذ الناس بالطاعة والبيعة فإنك إن تفعل فدمك حقنت والا أحتطفتك بأضعف ريش ونلتك بأهون سعي والسلام. فلما ورد الكتاب على زياد غضب غضبا شديدا وجمع الناس وصعد المنبر وقال: ابن آكلة الأكباد وقاتلة أسد الله ومظهر الخلاف ومسر النفاق ورئيس الأحزاب ومن أنفق ماله في اطفاء نور الله كتب إلي يرعد ويبرق عن سحابة جفل لا ماء فيها وعما قليل تصيرها الرياح قزعا كيف ارهبه وبيني وبينه ابن بنت رسول الله ص وابن ابن عمه في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والله لو أذن لي فيه لأريته الكواكب نهارا. وكتب إلى معاوية اما بعد فقد وصل إلي كتابك فوجدتك كالغريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب ويتعلق بأرجل الضفادع طمعا في الحياة إنما يكفر النعم و يستدعي النقم من حاد الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فاما سبك لي فلو لا حلم ينهاني عنك وخوفي إن أدعي سفيها لأثرت لك مخازي لا يغسلها الماء وأما تعييرك لي بسمية فان كنت ابن سمية فأنت ابن جماعة واما زعمك انك تختطفني بأضعف ريش وتتناولني بأهون سعي فهل رأيت بازيا يفزعه صفير القنابر أم هل سمعت بذئب أكله خروف والسلام، فلما ورد كتاب زياد على معاوية غمه وأحزنه وبعث إلى المغيرة بن شعبة فخلا به وقال اني أريد مشاورتك في أمر أهمني فانصحني فيه وكن لي أكن لك فقد خصصتك بسري وآثرتك على ولدي قال المغيرة والله لتجدني في طاعتك امضى من الماء في الحدور قال إن زيادا قد أقام بفارس يكش لنا كشيش الأفاعي وهو رجل ثاقب الرأي ماضي العزيمة جوال الفكر مصيب إذا رمى وقد خفت منه الآن ما كنت آمنه إذ كان صاحبه حيا وأخشى ممالأته حسنا قال المغيرة أنا له إن لم أمت أن زيادا رجل يحب الشرف وصعود المنابر فلو لاطفته المسألة وألنت له الكتاب لكان إليك أميل وبك أوثق فاكتب إليه وأنا الرسول فكتب إليه معاوية كتابا يظهر له فيه انه اخوه ويعده بالامرة من جملته: من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن أبي سفيان انك قاطع الرحم واصل العدو حملك سوء ظنك بي وبغضك لي على أن عققت قرابتي وقطعت رحمي حتى كأنك لست أخي وليس صخر بن حرب أباك وأبي وشتان ما بيني وبينك أطلب بدم ابن أبي العاص وأنت تقاتلني فكنت:
- كتاركة بيضها بالعراء * وملحفة بيض أخرى جناحا - وقد رأيت أن اعطف عليك ولا أؤاخذك بسوء سعيك وان أصل رحمك وابتغي الثواب في أمرك فاعلم أبا المغيرة إنك لو خضت في طاعة القوم فتضرب بالسيف حتى ينقطع متنه لما ازددت منهم إلا بعدا فان بني عبد شمس أبغض إلى بني هاشم من الشفرة إلى الثور الصريع وقد أوثق للذبح فارجع رحمك الله إلى أصلك واتصل بقومك فان أحببت جانبي ووثقت بي فامرة بامرة وإلا ففعل جميل لا علي ولا لي والسلام. فقدم المغيرة بالكتاب على زياد فجعل يتأمله ويضحك فقال له المغيرة دع عنك اللجاج وارجع إلى قومك وصل أخاك ثم جمع زياد الناس بعد يومين أو ثلاثة فخطبهم وقال: أيها الناس ادفعوا البلاء ما اندفع عنكم وارغبوا إلى الله في دوام العافية لكم فقد نظرت في أمور الناس منذ قتل عثمان فوجدتهم كالأضاحي في كل عيد يذبحون ولقد افنى هذان اليومان الجمل وصفين ما ينيف على مائة ألف كلهم يزعم أنه طالب حق فإن كان الأمر هكذا فالقاتل والمقتول في الجنة كلا ليس كذلك ولكن أشكل الأمر والتبس على القوم وإني لخائف أن يرجع الأمر كما بدأ فكيف لامرئ بسلامة دينه وقد نظرت في أمر الناس فوجدت أحمد العاقبتين العافية وسأعمل في أموركم ما تحمدون عاقبته ومغبته فقد حمدت طاعتكم إن شاء الله ثم نزل وكتب جواب الكتاب: أما بعد فقد وصل كتابك يا معاوية مع المغيرة بن شعبة وفهمت ما فيه فالحمد لله الذي عرفك الحق وردك إلى الصلة ولست ممن يجهل معروفا ولقد قمت يوم قرأت كتابك مقاما يعبأ به الخطيب المدرة فتركت من حضر لا أهل ورد ولا صدر كالمتحيرين بمهمة ضل بهم الدليل وأنا على أمثالها قدير. فأعطاه معاوية جمع ما سأله وكتب إليه بخط يده ما وثق به وقدم عليه الشام، قال المدائني فلما أراد معاوية استلحاقه صعد المنبر وأصعد زيادا معه فأجلسه بين يديه على المرقاة التي تحت مرقاته ثم قال أيها الناس إني قد عرفت نسبنا أهل البيت في زياد فمن كان عنده شهادة فليقم بها فقام ناس فشهدوا أنه ابن أبي سفيان وانهم سمعوا ما أقر به قبل موته فقام أبو مريم السلولي وكان خمارا في الجاهلية فقال أشهد أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف فاشتريت له لحما وخمرا وطعاما فلما أكل قال أصب لي بغيا فاتيت سمية فقلت لها ان أبا سفيان أمرني أن صيب له بغيا فهل لك قالت نعم يجئ الآن عبيد بغنمه وكان راعيا فإذا تعشى ونام أتيته فلم تلبث أن جاءت تجر ذيلها فدخلت معه حتى أصبحت فقلت له كيف رأيت صاحبتك قال خير صاحبة لولا ذفر في ابطيها. فقال له زياد من فوق المنبر يا أبا مريم لا تشتم أمهات الرجال فشتم أمك. واستلحقه معاوية فصار يسمى زياد بن أبي سفيان بعد ما كان يسمى زياد بن عبيد وزوج معاوية ابنته من محمد بن زياد ليؤكد بذلك صحة الاستلحاق وذلك سنة 44 ذكره في الاستيعاب. واستعظم ذلك المسلمون وتحرجوا من أن يسموه زياد بن أبي سفيان وخافوا أن يسموه زياد بن عبيد فكانوا يقولون زياد بن أبيه أو ابن امه أو ابن سمية أو زياد بدون نسبة ولكن في عصر معاوية سماه أكثر الناس زياد بن أبي سفيان لأن الناس مع الملوك رهبة أو رغبة وليس اتباع الدين فيهم الا كالقطرة من البحر المحيط وكتبت عائشة إلى زياد كتابا فلم تدر ما تكتب عنوانه إن كتبت زياد بن عبيد أو ابن أبيه أغضبته وإن كتبت زياد بن أبي سفيان أثمت فكتبت: من عائشة أم المؤمنين إلى ابنها زياد فلما قرأه ضحك وقال لقد لقيت أم المؤمنين من هذا العنوان نصبا. وقال الجاحظ ان زيادا مر وهو والي البصرة بأبي العريان العدوي وكان شيخا مكفوفا ذا لسن وعارضة شديدة فقال أبو العريان ما هذه الجلبة قالوا زياد بن أبي سفيان فقال ما ترك أبو سفيان الا فلانا وفلانا من أين جاء زياد فبلغ ذلك زيادا فأرسل إليه مائتي دينار فقال له الرسول ابن عمك زياد الأمير أرسل إليك هذه قال وصلته رحم أي والله ابن عمي حقا ثم مر به زياد من الغد في موكبه فسلم عليه فبكى أبو العريان فقيل له ما يبكيك قال عرفت صوت أبي سفيان في صوت زياد فبلغ ذلك معاوية فكتب إلى أبي العريان:
- ما لبثتك الدنانير التي بعثت * ان لونتك أبا العريان ألوانا - - امسى إليك زياد في أرومته * نكرا فأصبح ما أنكرت عرفانا - - لله در زياد لو تعجلها * كانت له دون ما تخشاه قربانا - فقال أبو العريان اكتب جوابه يا غلام:
- أحدث لنا صلة تحيا النفوس بها - قد كدت يا ابن أبي سفيان تنسانا -

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 567
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست