responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 283

أسلموا قبل ذلك لكن ربما ينافيه أخذ الجيش معه ولعله خشية من وقوع حرب. وفي السيرة الحلبية كان رسول الله ص أرسل خالد بن الوليد إلى اليمن لهمدان يدعوهم إلى الاسلام قال البراء فكنت ممن خرج مع خالد فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى الاسلام فلم يجيبوا ثم أن رسول الله ص بعث علي بن أبي طالب فامره أن يقفل خالدا ويكون مكانه فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا وصلى بنا علي ثم صفنا صفا واحدا ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله ص فأسلمت همدان جميعا فكتب إلى رسول الله ص باسلامهم الحديث: وفي السيرة النبوية لدحلان أن بعث علي سنة ثمان كان إلى همدان وجعله سنة عشر غلط وبعثه سنة عشر كان إلى مذحج.
نظرة إجمالية في حروبه ص وغزواته إذا نظرنا في مبدأ الدعوة الاسلامية وما سارت عليه إلى نهايتها رأينا أن النبي ص لم يبدأ دعوته بالقتال ولم يبنها على السيف والحرب وإنما دعا إليها كما أمره الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة وبقي على ذلك بمكة بعد البعثة عشر سنين فدخل الناس في الاسلام طائعين غير مكرهين عن عقيدة واخلاص سريرة وعلم بحقيقة هذا الدين واعتراف بمحاسنه بعد ما ظهر لهم فساد ما كانوا عليه من عبادة الأوثان وقبح ما هم عليه من أمور الجاهلية وإن دخول من دخل فيه لم يكن رهبة من عقاب ولا طمعا في مال أو جاه بل كان الأمر بالعكس يؤذى من دخل فيه ويعذب ويهان ويقصى ويحرم وأن اخصامه لم يعمدوا في دفعه إلى حجة أو برهان أو معارضة بدليل ولو كان سفسطة سوى قولهم أتأمرنا أن نترك ما كان يعبد آباؤنا وشبهه ولم يتركوه وشأنه بل عمدوا إلى ايقاع المكروه به وآذوه بأنواع الأذايا حتى تعاقدوا على حصره وجميع عشيرته مسلمهم وكافرهم في شعب أربع سنين لا يبايعون ولا يشارون ولا يزوجون ولا يتزوج إليهم ولا يعاشرون ولا يخالطون وحتى كانوا يسلطون صبيانهم وسفهاءهم عليه ووضعوا السلا على ثيابه ولم يكتفوا بذلك حتى طلبوا إلى عمه أبي طالب أن يسلمه لهم ليقتلوه وحتى تامروا على قتله ليلا وأحاطوا بداره فنجاه الله منهم وذهب إلى الغار واستخفى فيه ثلاثا وجعلوا لمن جاءهم به مائة بعير وعمدوا إلى من تخلف بمكة من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم وهاجر جماعة منهم خفية إلى بلاد الحبشة فارسلوا وراءهم من يردهم وحملوا معهم الهدايا لملك الحبشة فجبههم لما سمع بلاغة القرآن وسمو تعاليمه فاضطر النبي ص بعد ما استقر بالمدينة إلى غزوهم وحربهم ليدفع أذاهم وشرهم عنه وعن أصحابه فكانت غزوة بدر طلبا لعيرهم ففاتته فجهزوا الجيوش لحربه وأرادوا غزوه في عقر دياره فحاربهم وأظفره الله بهم ثم قصدوه يوم أحد إلى دار هجرته قاصدين استئصاله واستئصال أصحابه فاضطر إلى دفاعهم ثم أراد العمرة عام الحديبية فصدوه عن بيت الله الحرام الذي يعتقدون حرمته وتعظيمه ويستعظمون الصد عنه فهادنهم مهادنة كانت بجانبهم أرجح ولان لهم فنقضوا العهد وعاونوا بني بكر على خزاعة حلفائه وقتلوهم غدرا فسار إليهم لفتح مكة ونهى عن قتالهم وعفا عنهم عفوا عاما ولم يكره أحدا من أهل الكتاب على ترك دينه وأعلن على رؤوس الملأ لا إكراه في الدين واكتفى منهم إما باسلام أو إداء شئ يفرض عليهم كل عام ويكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم وأنه لم يحارب يهود الحجاز إلا بعد ما نقضوا عهده وراموا قتله وألبوا عليه وبذلك يبطل ما يقوله من يريد تنقيص الاسلام بأنه قام بالسيف والقهر والغلبة لا بالدعوة والله الهادي.
حجة الوداع سنة عشر من الهجرة قال ابن هشام سميت بذلك لأنه لم يحج بعدها وقيل لأنه ودع فيها الناس واعلمهم بدنو أجله. قال ابن سعد في الطبقات وهي التي يسميها الناس حجة الوداع وكان المسلمون يسمونها حجة الاسلام وكان ابن عباس يكره أن يقال حجة الوداع ويقول حجة الاسلام ولم يحج غيرها منذ تنبأ اه ولو قال منذ هاجر لكان صوابا فإنه ص لم يحج بعد الهجرة غيرها وإنما أراد الاعتمار عام الحديبية فصد ثم اعتمر عمرة القضاء واعتمر يوم حنين ولم يحج أما قبل الهجرة فقد حج ص حجتين يقينا وهما اللتان بايع فيهما الأنصار عند العقبة وقد روى ابن سعد ذلك بسنده عن مجاهد قال حج رسول الله ص حجتين: قبل أن يهاجر حجة وبعد ما هاجر حجة وفي السيرة الحلبية أنه ص حج بعد النبوة وقبل الهجرة ثلاث حجات وقيل حجتين وقال ابن الأثير كان ص يحج كل سنة قبل أن يهاجر وقال ابن الجوزي حج ص قبل النبوة وبعدها حججا لا يعلم عددها وكان قبل النبوة يقف بعرفات ويفيض منها إلى مزدلفة مخالفة لقريش توفيقا له من الله لأنهم كانوا لا يخرجون من الحرم وقالوا لا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم فيستخف العرب بحرمكم فتركوا الوقوف بعرفة والإفاضة إلى مزدلفة ويرون ذلك لسائر العرب وكان فرض الحج بالمدينة قال المفيد: ثم أراد رسول الله ص التوجه إلى الحج وأداء ما فرض الله تعالى عليه فيه فاذن في الناس بالحج وبلغت دعوته إلى أقاصي بلاد الاسلام فتجهز الناس للخروج معه وحضر المدينة من ضواحيها ومن حولها خلق كثير وتأهبوا للخروج فخرج ص بهم يوم الخميس أو يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة. وفي السيرة الحلبية خرج معه أربعون ألفا وقيل سبعون وقيل تسعون وقيل مائة وأربعة عشر ألفا وقيل مائة وعشرون ألفا وقيل أكثر من ذلك عدا من حج معه من أهل مكة واليمن قال ابن سعد خرج من المدينة مغتسلا متدهنا مترجلا مجردا في ثوبين صحاريين ازار ورداء فصلى الظهر بذي الحليفة ركعتين وأخرج معه نساءه التسع كلهن في الهوادج وابنته فاطمة وأشعر هديه وقلده ثم قال واختلف علينا فيما أهل به فأهل المدينة يقولون أهل بالحج مفردا وفي رواية غيرهم أنه قرن مع حجته عمرة وقال بعضهم دخل متمتعا بعمرة ثم أضاف إليها حجة وفي كل رواية اه أقول الصحيح أن حجه كان حج قران وعقد إحرامه بسياق الهدي فلما وصل إلى الميل لبى فقال لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال المفيد: وكاتب عليا ع بالتوجه إلى الحج من اليمن ولم يذكر له نوع الحج الذي عزم عليه وخرج ص قارنا للحج بسياق الهدي وأحرم من ذي الحليفة وأحرم الناس معه ولبى من عند الميل الذي بالبيداء فاتصل ما بين الحرمين بالتلبية حتى انتهى إلى كراع الغمم وكان الناس معه ركبانا ومشاة فشق على المشاة المسير واجهدهم فشكوا ذلك إليه واستحملوه فاعلمهم أنه لا يجد لهم ظهرا وأمرهم أن يشدوا على أوساطهم [1] ويخلطوا الرمل بالنسل [2] ففعلوا ذلك واستراحوا إليه.


[1] في الشد على الوسط تقوية للجسم فلهذا أمرهم به.
[2] الرمل بفتحتين والنسل بسكون السين نوعان من السير فيهما بعض الاسراع أمرهم بأن يركوا تارة وينسلوا أخرى وذلك خير من مشى التأني ومن العدو هذا ولكن تمييز الرمل من النسل في كلام اللغويين فيه بعض الغموض والمستفاد من المجموع أن النسل الاسراع مع تقارب الخطي كمشية الذئب والرمل بين المشي والعدو وهو اسراع مع هز المنكبين وعدم النزو فكان النسل أقل حركة وإسراعا من الرمل.
- المؤلف -

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست