نام کتاب : كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين لأبي نصر الفارابي نویسنده : علي بو محلم جلد : 1 صفحه : 57
الانسان ، وقد حصل جزء
جزء منها. فلذلك قد يتوهم اكثر الناس انها لم تزل في النفس ، وانها تعلم طريقا غير
الحس. فاذا حصلت من هذه التجارب في النفس ، صارت النفس عاقلة ، اذ العقل ليس هو
شيئا غير التجارب. ومهما كانت هذه التجارب اكثر ، كانت النفس اتمّ عقلا. ثم ان
الانسان ، مهما قصد معرفة شيء من الأشياء ، اشتاق الى الوقوف على حال من احوال ذلك
الشيء ، وتكلّف الحاق ذلك الشيء في حالته تلك بما تقدم معرفته وليس ذلك الا طلب ما
هو موجود في نفسه من ذلك الشيء ، مثل انه متى اشتاق الى معرفة شيء من الأشياء ، هل
هو حيّ ام ليس بحي. وقد تقدم فحصل في نفسه معنى الحي ومعنى غير الحي [١].
فانه يطلب بذهنه او بحسه او بهما جميعا احد المعنيين ، فاذا صادفه ، سكن عنده واطمأن
به والتذّ بما زال عنه من اذى الحيرة والجهل. وهذا ما قاله افلاطون : ان التعلم
تذكر [٢] ، وان التفكر هو تكلّف
العلم ، والتذكر تكلف الذكر. والطالب مشتاق متكلّف؛ فمهما وجد مهمّا قصد معرفته دلائل
وعلامات ومعاني ما كان في نفسه قديما ، فكأنه يتذكر عند ذلك ، كالناظر الى جسم يشبه
بعض اعراضه بعض اعراض جسم آخر كان قد عرفه وغفل عنه ، فيتذكره بما ادركه من شبيهه.
وليس للعقل فعل مخصّ به دون الحس سوى ادراك جميع الأشياء والاضداد ، وتوهّم
[١] سبق الجاحظ إلي
هذا الرأي ، راجع رسالة المعرفة المنشورة ضمن رسائل الجاحظ الكلامية (دار ومكتبة
الهلال ، بيروت).
[٢] هذا تفسير غير
صحيح لمسألة التذكر في المعرفة عند افلاطون.
نام کتاب : كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين لأبي نصر الفارابي نویسنده : علي بو محلم جلد : 1 صفحه : 57