نام کتاب : كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين لأبي نصر الفارابي نویسنده : علي بو محلم جلد : 1 صفحه : 31
مدخولا؛ فذلك بعيد عن
قبول العقل ايّاه واذعانه له؛ اذ الموجود يشهد بضدّه. لانا نعلم يقينا انه ليس شيء
من الحجج اقوى وانفع واحكم من شهادات المعارف المختلفة بالشيء الواحد ، واجتماع
الآراء الكثيرة ، اذ العقل ، عند الجميع ، حجّة. ولا جل ان ذا العقل ربما يخيّل
اليه الشيء بعد الشيء ، على خلاف ما هو عليه ، من جهة تشابه العلامات المستدلّ بها
على حال الشيء ، احتيج الى اجتماع عقول كثيرة مختلفة. فمهما اجتمعت ، فلا حجّة
اقوى ، ولا يقين احكم من ذلك.
ثم لا يغرّنك وجود أناس كثيرة على آراء مدخولة؛
فانّ الجماعة المقلّدين لرأي واحد ، المدّعين لامام يؤمّهم فيما اجتمعوا عليه ،
بمنزلة عقل واحد ، والعقل الواحد ربما يخطئ في الشيء الواحد ، حسب ما ذكرنا ، لا
سيما اذا لم يتدبّر الرأي الذي يعتقده مرارا ، ولم ينظر فيه بعين التفتيش
والمعاندة. وان حسن الظنّ بالشيء او الاهمال في البحث ، قد يغطي ، ويعمي ، ويخيّل.
واما العقول المختلفة ، اذا اتفقت ، بعد
تأمّل منها ، وتدرّب ، وبحث ، وتنقير [١]
ومعاندة ، وتبكيت [٢]
، واثارة الاماكن المتقابلة ، فلا شيء اصحّ مما اعتقدته ، وشهدت به ، واتفقت عليه.
ونحن نجد الالسنة المختلفة متفقة بتقديم هذين الحكيمين؛ وفي التفلسف بهما