نام کتاب : الطبّ النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 88
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم
في إصلاح الطعام الذي يقع فيه الذباب
وإرشاده إلى دفع مضرات السموم بأضدادها
في الصحيحين ـ من حديث أبي هريرة ـ أن
رسول الله صلىاللهعليهوسلم
قال : « إذا وقع الذباب في إناء أحدكم : فامقلوه ، فإن في أحد جناحيه داء ، وفى
الآخر شفاء » [١].
وفى سنن ابن ماجة ، عن أبي سعيد الخدري
، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم
قال : « أحد جناحي الذباب سم ، والآخر شفاء. فإذا وقع في الطعام : فامقلوه ، فإنه
يقدم السم ، ويؤخر الشفاء » [٢].
هذا الحديث فيه أمران : أمر فقهي ، وأمر
طبي. فأما الفقهي : فهو دليل ـ ظاهر الدلالة جدا ـ على أن الذباب إذا مات في ماء
أو مائع ، فإنه لا ينجسه. وهذا قول جمهور العلماء. ولا يعرف في السلف مخالف في ذلك.
ووجه الاستدلال به : أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أمر بمقله ، وهو
غمسه في الطعام. ومعلوم أنه يموت من ذلك ، ولا سيما : إذا كان الطعام حارا. فلو
كان ينجسه : لكان أمرا بإفساد الطعام ، وهو ـ صلىاللهعليهوسلم
ـ إنما أمر بإصلاحه. ثم عدا [٣]
هذا الحكم إلى كل مالا نفس له سائلة : كالنحلة والزنبور والعنكبوت ، وأشباه ذلك.
إذ الحكم يعم بعموم علته ، وينتفى لانتفاء سببه. فلما كان سبب التنجيس هو الدم
المحتقن في الحيوان بموته ، وكان ذلك مفقودا فيما لا دم له سائل ـ : انتفى الحكم
بالتنجيس [٤]
، لانتفاء علته.
ثم قال من لم يحكم بنجاسة عظم الميتة : إذا
كان هذا ثابتا في الحيوان الكامل ـ مع ما فيه من الرطوبات والفضلات ، وعدم الصلابة
ـ : فثبوته في العظم ، الذي هو أبعد عن
[١] أخرجه البخاري.
ولم يخرجه مسلم كما جزم به الحافظ في الفتح. وأخرجه أبو داود وابن ماجة وأحمد وابن
حبان والبيهقي. اه ق.
[٢] وأخرجه أيضا
النسائي وأحمد والحاكم والبيهقي. اه ق.
[٣] أي : جاوز.
وبالزاد ٩٩ : « عدى » بالضم. وهو أحسن.
[٤] كذا بالزاد. وهو
الظاهر. وفى الأصل : « في التنجيس ».
نام کتاب : الطبّ النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 88