نام کتاب : الطبّ النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 72
الموافقة ، والاخبار
السارة. فإن الطبيب خادم الطبيعة ومعينها ، لا معيقها.
واعلم أن الدم الجيد هو المغذى للبدن ، وأن
البلغم دم فج [١]
قد نضج بعض النضج. فإذا كان بعض المرضى في بدنه بلغم كثير ـ وعدم الغذاء ـ : عطفت
الطبيعة عليه ، وطبخته وأنضجته ، وصيرته دما وغذت به الأعضاء ، واكتفت به عما سواه.
والطبيعة هو : القوة التي وكلها الله سبحانه بتدبير البدن وحفظه وصحته ، وحراسته
مدة حياته.
واعلم أنه قد يحتاج في الندرة إلى إجبار
المريض على الطعام والشراب. وذلك في الأمراض التي يكون معها اختلاط العقل.
وعلى هذا : فيكون الحديث من العام
المخصوص ، أو من المطلق الذي قد دل على تقييده دليل. ومعنى الحديث : أن المريض قد
يعيش بلا غذاء أياما ، لا يعيش الصحيح في مثلها.
وفى قوله صلىاللهعليهوسلم
: « فإن الله يطعمهم ويسقيهم » ، معنى لطيف زائد على ما ذكره الأطباء ، لا يعرفه
إلا من له عناية بأحكام القلوب والأرواح ، وتأثيرها في طبيعة [٢] البدن وانفعال الطبيعة عنها ، كما
تنفعل هي كثيرا عن الطبيعة. ونحن نشير إليه إشارة ، فنقول : النفس إذا حصل لها ما
يشغلها ـ : من محبوب ، أو مكروه ، أو مخوف. ـ اشتغلت به عن طلب الغذاء والشراب : فلا
تحس بجوع ولا عطش ، بل ولا حر ولا برد. بل تشتغل به عن الاحساس بالمؤلم [٣] الشديد الألم ، فلا تحس به. وما من أحد
إلا وقد وجد في نفسه ذلك أو شيئا منه. وإذا اشتغلت النفس بما دهمها وورد عليها : لم
تحس بألم الجوع.
فإن كان الوارد مفرحا قوى التفريح : قام
لها مقام الغذاء ، فشبعت به ، وانتعشت قواها وتضاعفت ، وجرت الدموية في الجسد حتى
تظهر في سطحه ، فيشرق وجهه ، وتظهر دمويته. فإن الفرح يوجب انبساط دم القلب ، فينبعث
في العروق ، فتمتلئ به.