نام کتاب : الطبّ النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 20
العفن ، سببا لانضاج
مواد غليظة لم تكن تنضج بدونها ، وسببا لتفتح سدد لم تكن [١] تصل إليها الأدوية المفتحة.
وأما الرمد الحديث والمتقادم : فإنها
تبرئ أكثر أنواعه برءا عجيبا سريعا. وتنفع من الفالج واللقوة والتشنج الامتلائي ، وكثيرا
من الأمراض الحادثة عن الفضول الغليظة.
وقال لي بعض فضلاء الأطباء : إن كثيرا
من الأمراض نستبشر فيها بالحمى : كما يستبشر المريض بالعافية ، فتكون الحمى فيه
أنفع من شرب الدواء بكثير : فإنها تنضج من الاخلاط والمواد الفاسدة ، ما يضر
بالبدن ، فإذا أنضجتها صادفها الدواء : متهيئة للخروج بنضاجها ، فأخرجها. فكانت
سببا للشفاء [٢].
وإذا عرف هذا فيجوز : أن يكون مراد
الحديث من أقسام الحميات العرضية. فإنها تسكن على المكان : بالانغماس في الماء
البارد ، وسقى الماء البارد المثلوج. ولا يحتاج صاحبها مع ذلك إلى علاج آخر. فإنها
مجرد كيفية حارة [٣]
متعلقة بالروح ، فيكفي في زوالها مجرد وصول كيفية باردة : تسكنها وتخمد لهبها ، من
غير حاجة إلى استفراغ مادة ، أو انتظار نضج.
ويجوز : أن يراد به جميع أنواع الحميات.
وقد اعترف فاضل الأطباء جالينوس : بأن
الماء البارد ينفع فيها ، قال في المقالة العاشرة من كتاب « حيلة البرء » : « ولو
أن رجلا شابا ، حسن اللحم ، خصب البدن ـ في وقت القيظ ، وفى وقت منتهى الحمى ـ وليس
في أحشائه ورم ، استحم بماء بارد ، أو سبح فيه ـ : لانتفع بذلك ». وقال : « ونحن
نأمر بذلك بلا توقف ».
[١] كذا بالأصل. وفى
الزاد (ص ٧١) : « يكن » وكلاهما صحيح.
[٢] إن بعض الأمراض
الزمنة ـ : مثل مرض الروماتزم المفصلي الزمن ، الذي تتصلب فيه المفاصل ، وتصبح غير
قادرة على التحرك. أو مرض الزهري الزمن في الجهاز العصبي ـ تتحسن كثيرا بارتفاع
درجة حرارة الجسم ، أي : في حالات الحميات. ولذلك من ضمن طرق العلاج الطبي ـ في
مثل هذه الحالات ـ : الحمى الصناعية. أي : خلق حالة حمى في المريض بحقنة بمواد
معينة اه د.