نام کتاب : الطبّ النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 186
تفضل [١] عنه بغير منفعة ولا فائدة فتأوى الهوام
في خلوها. ولم يكن فيها كنف تؤذى ساكنها برائحتها ، بل رائحتها من أطيب الروائح : لأنه
كان يحب الطيب ولا يزال عنده ، وريحه هو من أطيب الرائحة ، وعرفه [٢] من أطيب الطيب ولم يكن في الدار كنيف
تظهر رائحته. ولا ريب أن هذه من أعدل المساكن وأنفعها ، وأوفقها للبدن وحفظ صحته.
فصل في تدبيره لأمر النوم
واليقظة
ومن [٣]
تدبر نومه ويقظته صلىاللهعليهوسلم
: وجده أعدل نوم وأنفعه للبدن والأعضاء والقوى ، فإنه كان ينام أول الليل ، ويستيقظ
أول النصف الثاني ، فيقوم ويستاك ويتوضأ ويصلى ما كتب الله له. فيأخذ البدن
والأعضاء والقوى حظها من النوم والراحة ، وحظها من الرياضة ، مع وفور الاجر. وهذا
غاية صلاح القلب والبدن والدنيا والآخرة.
ولم يكن يأخذ من النوم فوق القدر
المحتاج إليه ، ولا يمنع نفسه من القدر المحتاج إليه منه. وكان يفعله على أكمل
الوجوه ، فينام ـ إذا دعته الحاجة إلى النوم ـ على شقة الأيمن : ذاكرا الله حتى
تغلبه عيناه ، غير ممتلئ البدن من الطعام والشراب ، ولا مباشر بجنبه الأرض ، ولا
متخذ للفرش المرتفعة ، بل له ضجاع [٤]
من أدم حشوه ليف. وكان يضطجع على الوسادة ، ويضع يده تحت خده أحيانا.
ونحن نذكر فصلا في النوم ، والنافع [٥] منه والضار. فنقول :
( النوم ) : حالة للبدن يتبعها غور
الحرارة الغريزية والقوى إلى باطن البدن ، لطلب
[٤] كذا بالأصل
والزاد. يعنى. : ما يضطجع عليه. وفى النهاية ٣ / ١٢ ، واللسان ١٠ / ٨٨ : ضجعة ( بالكسر
). المراد ما ذكرنا. فليس ما بالأصل محرفا كما جوزه ق.