وفيما يرجع إلى سياسة المال وقف موقفاً
صارماً ، وكانت تواجهه فيما يتعلّق بهذه السياسة نقطتان هامّتان ؛ إحداهما الثروات
التي تكوّنت في أيام عثمان بأسباب غير مشروعة ، والثانية أسلوب توزيع العطاء.
وقد أعلن في الخُطب الأولى التي استهل
بها حكمه مصادرة جميع ما أقطعه عثمان من القطائع وما وهبه من الأموال العظيمة
لطبقة الإرستوقراطيين ، كما أعلن أنّه سيتّبع مبدأ المساواة في العطاء ، فقال :
«أيّها الناس ، إنّي رجل منكم ، لي ما
لكم وعليّ ما عليكم ، وإنّي حاملكم على منهج نبيّكم ، ومنفّذ فيكم ما أمر به. ألا
وإنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان ، وكلّ مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال
؛ فإنّ الحقّ لا يبطله شيء ، ولَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسَاءُ ،
وَمُلِكَ بِهِ الإِمَاءُ لَرَدَدْتُهُ ؛ فَإِنَّ فِي الْعَدْلِ سَعَةً ، وَمَنْ
ضَاقَ عَلَيْهِ الْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَيْهِ أَضْيَقُ» [٢].
وقال من خطاب آخر :
«... ألا لا يقولنّ رجال منكم غداً
غمرتهم الدنيا فاتّخذوا العقار ، وفجّروا الأنهار ، وركبوا الخيول الفارهة ،
واتّخذوا الوصائف الرُّوقة ، فصار ذلك عليهم عاراً وشناراً ، إذا ما منعتهم ما
كانوا يخوضون فيه ، وأخّرتهم