ثمّ نادى : يا حصين بن نمير ـ وكان صاحب
شرطته ـ ثكلتك اُمّك! إن [ضاع] باب سكّة من سكك الكوفة ، أو خرج هذا الرجل ولم
تأتني به. وقد سلّطتك على دور أهل الكوفة ؛ فابعث مراصدة على أفواه السكك ، وأصبح
غداً ، واستبر الدور ، وجس خلال الدور حتّى تأتيني بهذا الرجل. ولمّا كان الغداة
علم بمكان مسلم ، فبعث إليه عبيد الله بسبعين فارس مع محمّد بن الأشعث ، فأحاطوا
بمسلم من كلّ جانب. فقاتلهم مسلم وحده مقاتلة الشجعان ، وكافحهم مكافحة الأبطال
حتّى أكثر فيهم القتل ، واستنجدوا بعبيد الله أن يبعث إليهم بالخيل والرجال
فأنجدهم ، وأخذوا يرمونه بالنار والحجارة من فوق الدور وعمدوا إلى مكيدة ؛ فحفروا
له حفيرة ووضعوا عليها الحطب والتراب ، وبينما هو يهجم عليهم وهم يفرون من بين
يديه إذ سقط مسلم (عليه السّلام) في تلك الحفيرة ، فهجموا عليه وضربوه بالسيف على
شفته العليا ، وأخذوا السيف منه وكتّفوه ، وأخذوه إلى عبيد الله بن زياد. فقال
مسلم : إنّا لله وإنّا إليه راجعون. ثمّ بكى ، فقيل له : إنّ مَنْ يطلب مثل الذي
تطلب إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك. فقال مسلم : «إنّي