الشعر يجري في وجدان الشعوب مجرى الدم ،
ومعه يجري ما يحتويه الشعر من معنىً ومضمون ، وللشعراء في المجتمعات ـ وخاصة
المجتمع العربي ـ وجود مؤثّر لا يمكن إنكاره.
واختلف الشعراء في أغراضهم وأهدافهم
باختلاف طبائعهم وأُصولهم ، وانتماءاتهم القبلية والطائفية ، وأهدافهم وأطماعهم
الدينيّة والدنيوية ، وما إلى ذلك من وجهات نظر وغايات وآمال.
والمال الذي يسيل له لعابُ كثير من
الناس يُغري من الشعراء مَنْ امتهنوا الشعر ، وحمّلوه مؤونة حياتهم المادّية قبل
أن يكون بنفسه غرضاً يحدوهم إلى نيل مكانة اجتماعية في الأدب واللغة ، أو خلود
الذكر في الحضارة البشرية ، أو علوّ الكعب والشرف بين الأقران والأهل والعشيرة ، أو
الخُلْد والثواب والأجر في الآخرة.
أمّا المال عند أهل الشرف والكرامة
والإنسانية والعزّة النفسية من أصحاب الأهداف السامية الكُبرى ، فهو وسيلةٌ وليس
هدفاً.
وكما إنّ الله تعالى ذكره استخدمَ
المالَ لأغْراض العُبور على الجسور ، والوصول بها إلى الأهداف الربّانيّة ، فجعل
للمؤلَّفة قلوبهم حقّاً في أموال الله!
فكذلك الحسين (عليه السّلام) ، اتّباعاً
للقرآن ، وتطبيقاً له فإنّه كان يستخدم المالَ لهدف معنويّ إلهيّ سام ، فكان يُعطي
شعراء عصره ، ولمّا عوتبَ قال :