فلا يرتاب مسلم بأنّ «آل محمّد» أشرف
بني هاشم ، وأنّ بني هاشم أشرف قريش ، وأنّ قريشاً أشرف العرب ، وآل محمّد (عليهم
السّلام) أعرق بني هاشم نسباً ، وأطهرهم رحماً ، وأكرمهم حَسَباً ، وأوفاهم
ذِمَماً ، وأحمدهم فعلاً ، وأنزههم ثوباً ، وأتقاهم عملاً ، وأرفعهم همماً.
وقد أقرّ لهم العدوّ والصديق بالشرف
والفضل والكرم والمجد [١].
فهذا عمرو بن العاص ـ الداهية النكراء
الذي حارب آل محمّد (عليهم السّلام) جهاراً عن علم وعمد ، وبكلّ صلافة وحقد ، زاعماً
أنّه يستغلّ الظروف المؤاتية لصالح دُنياه القصيرة ـ يعلن عن بعض الحقيقة عندما
يستظلّ بالكعبة التي كان يعبد أصنامها من قبل ، فجاء جدّ الحسين (عليه السّلام) ليشرّفه
وقومه بعبادة الله ، ويطهرّ الكعبة من رجس الأصنام والأزلام.
وبالرغم من أنّ ابن النابغة نبغ في
محاربة كلّ القيم التي جاء بها الإسلام ، وعارض كلّ الذين وقفوا مدافعين عن تلك
القيم ، وكانت لهم فضيلة التشرّف بها ، وجدّ بكلّ دهاء ومكر وحيلة يملكها ، فنفث
في الأُمّة روح الجاهليّة ليعيد مجدها ، ونابذ عليّاً والحسن والحسين (عليهم
السّلام) بكلّ الطرق ، ووقف في وجه العدالة سنين طوالاً.
لكنّه اليوم ، يجد الكعبة وبناءَها
الرفيع الشامخ تَزْخَرُ بالعظمة الإسلاميّة ، طاهرة من أوثان الجاهليّة وأرجاسها ،
فلا يجد بُدّاً من الاعتراف ، وبينما هو كذلك