« ولقد دخل أبو
جعفر على أبيه (ع) فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد وقد اصفر لونه من
السهر ورمضت عيناه من البكاء ودبرت جبهته من السجود وورمت قدماه من القيام في
الصلاة. قال : فقال أبو جعفر : فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء فبكيت
رحمة له وإذا هو يفكر فالتفت إلي بعد هنيهة من دخولي فقال : يا بني أعطني بعض تلك
الصحف التي فيها عبادة علي ( أمير المؤمنين ) فأعطيته فقرأ فيها يسيرا ثم تركها من
يده تضجرا وقال : من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب » [٢].
قال الزهري : «
كان علي بن الحسين (ع) إذا قرأ ( ملك يوم الدين ) يكررها حتى يكاد يموت » [٣].
وكان الإمام
السجاد يسجد على تربة الحسين (ع) لأن السجود عليها يخرق الحجب السبع ويقبل الله
صلاة من سجد عليها ما لم يقبله من غيرها [٤].
ذلك أن الله تعالى
فضل تربة سيد الشهداء على سائر البقاع حتى بيته المعظم. جاء في الحديث : إن أرض
الكعبة افتخرت بنسبتها إليه جل شأنه فأوحى إليها الجليل تعالى أني خلقت أرضا
لولاها ما خلقتك ولولا ما تضمنته ما خلقت البيت الذي افتخرت به » [٥] :