قال : فإذا خوخة
قد فتحت ، وإذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء ، فقال : يا فاسق أسأت التأدية ،
ومنعت القائلة وأذعت الفاحشة ، ثم اندفع يغني فظننت أن طويسا قد نشر بعينه ، فقلت
له : أصلحك الله من أين لك هذا الغناء؟ فقال : نشأت وأنا غلام حدث أتبع المغنين
وآخذ عنهم ، فقالت لي أمي : إن المغني إذا كان قبيح الوجه لم يلتفت إلى غنائه ،
فدع الغناء ، وأطلب الفقه ، فإنه لا يضر معه قبح الوجه ، فتركت المغنين واتبعت
الفقهاء. فقلت له : فأعد جعلت فداك ، فقال : لا ، ولا كرامة ، أتريد أن تقول :
أخذته عن مالك بن أنس ، وإذا هو مالك بن أنس ، ولم أعلم.
وسواء أصحت هذه
الرواية أم لا تصح ، وسواء أوضعها الحاقدون على مالك أم نقلوها للحط من شأنه ، فإن
الذي لا ريب فيه أن المدينة المنورة في العصر الأموي كانت مركزا مهما من مراكز
الغناء في العالم الإسلامي ، ومعهدا خاصا لتعليم الجواري الغناء والرقص.
الغناء والرقص :
كانت تقام في يثرب
والمدينة حفلات الغناء والرقص لأشهر المغنين والمغنيات ، وربما كانت مختلطة بين
الرجال والنساء ، ولم توضع بينهما ستارة [٢].
روى أبو الفرج قال
: إن جميلة جلست يوما ، ولبست برنسا طويلا ، وألبست من كان معها برانس ، ثم قامت
ورقصت ، وضربت بالعود ، وعلى رأسها البرنس الطويل ، وعلى عاتقها بردة يمانية ،
وعلى القوم أمثالها وقام ابن سريج يرقص ، ومعبد ، والغريدي ، وابن عائشة ، ومالك ،
وفي يد كل