يقول ـ : وتصون
بذلك من عرف من أوليائنا واخواننا فإن ذلك أفضل من أن تتعرّض للهلاك ، وتنقطع به
عن عمل في الدين وصلاح إخوانك المؤمنين ، وإيّاك ثم إيّاك أن تترك التقيّة التي
أمرتك بها فإنك شاحط بدمك ودماء إخوانك ، متعرّض لنفسك ولنفسهم للزوال ، مذلّ لهم
في أيدي أعداء الدين وقد أمرك الله بإعزازهم ، فإنك إن خالفت وصيّتي كان ضررك على
إخوانك ونفسك أشدّ من ضرر الناصب لنا الكافر بنا.
فانظر كيف يأمر
أمير المؤمنين وليّه بالتقيّة ، ويكشف له عن فوائدها والضرر في خلافها.
ظهر التشيّع
والشيعة أيام أمير المؤمنين ، لأن السلطان بيده مرجعه ومآله حتّى عرفتهم أعداؤهم
في كلّ مصر وقطر ، فما ذا ترى سيحلّ بهم بعد تقويض سلطانه؟
لقد حاربهم معاوية
بكلّ ما اوتي من حول وقوّة وحيلة وخديعة ، فكان من تلك الوسائل سبابه لأبي الحسن
وأمره به ليربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير كما يقول هو ، وفي ذلك أيّ حرب لهم
و
إذلال ، ثمّ قتل
المعروفين من رجالهم ، والمشهورين من أبدالهم وكان أكثرهم بالكوفة فاستعمل عليهم
زيادا وضمّ إليه البصرة وهو بهم عارف ، يقول المدائني : فقتلهم تحت كلّ حجر ومدر
وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطردهم وشرّدهم عن
العراق فلم يبق بها معروف منهم [١].
وأمّا الذين لم
يتمكّنوا من الهرب لمعروفيّتهم في البلاد أو هربوا وأدركهم الطلب فكان نصيبهم
الموت الأحمر ، أمثال حجر بن عدي وأصحابه ،