[و] بالبيضة خطب الحسين (عليه السّلام) أصحابه
وأصحاب الحرّ :
فحمد الله وأثني عليه ، ثمّ قال : «أيّها
النّاس ، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) ، قال : مَن رأى سلطاناً جائراً
مستحلاًّ لحرم الله ، ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنّة رسول الله ، يعمل في عباد
الله بالإثم والعدوان فلمْ يُغيّر عليه بفعل ولا قول ، كان حقّاً على الله أنْ
يدخله مدخله. ألاَ وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركو طاعة الرحمن ، وأظهروا
الفساد وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله ، وحرّموا حلال الله
، وأنا أحقّ مَن غيّر.
قد أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم
ببيعتكم ، أنّكم لا تسلموني ولا تخذلوني ، فإنْ تممتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم ، فأنا
الحسين بن عليّ وابن فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) ، نفسي مع
أنفسكم وأهلي مع أهليكم ، فلكم فيّ أسوة ، وإنْ لمْ تفعلوا ونقضتم عهدكم ، وخلعتم
بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر ، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم!
والمغرور من اغتّربكم ، فحظّكم أخطأتم ، ونصيبكم ضيّعتم : (فَمَنْ نَكَثَ
فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ) [٢]
وسيُغني الله عنكم ، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته» [٣].
وأقبل الحرّ يسايره ، وهو يقول له : يا
حسين ، إني أذكّرك الله في نفسك ، فإنّي أشهد لئن قاتلت لتُقتلنّ ، ولئن قُوتلت
لتهلكنّ فيما أرى.
فقال له الحسين (عليه السّلام) : «أفبالموت
تخوّفني؟ وهل يعدو بكم الخطب
[١] ما بين واقصة
إلى عذيب الهجانت ، كما في معجم البلدان.