وهل ينسى ابن جعفر ليله ونهاره وقوف
حرائر النبوّة بحالة يتصفّح وجوهها القريب والبعيد وأهل المنأهل والمعاقل .. والذي
يهون الأمر أنّ المرسل للحديث هو المدائني الاُمويّ النّزعة والولاء ، وكتابه
مملوء بالأحاديث الرافعة للبيت الاُموي والواضعة من كرامة البيت العلوي ، لا يلتفت
إليها إلاّ العارف بأخبار الرجال وشخصيّات الرواة.
عبد الله بن عباس
لمّا بلغ يزيد امتناع عبد الله بن عبّاس
عن البيعة لابن الزبير ، كتب إليه : أمّا بعد ، فقد بلغني أنّ الملحد ابن الزبير
دعاك إلى بيعته والدخول في طاعته لتكون على الباطل ظهيراً وفي المآثم شريكاً ، فامتنعتَ
عليه وانقبضتَ عنه ؛ لما عرّفك الله في نفسك من حقّنا أهل البيت ، فجزاك أفضل ما
جزى الواصلين عن أرحامهم الموفين بعهودهم ، ومهما أنسى من الأشياء فلا أنسى وصلك
وحُسن جائزتك التي أنت أهلها في الطاعة والشرف والقرابة من رسول الله (ص) ، فانظر
مَن قبلك من قومك ، ومَن يطرأ عليك من أهل الآفاق ممَّن يسحره ابن الزبير بلسانه
وزخرف قوله ، فاجذبهم عنه فإنّهم لك أطوع ومنك أسمع منهم للملحد المارق ، والسّلام.
فكتب إليه ابن عبّاس : أمّا بعد ، فقد
جاء في كتابك تذكر فيه دعاء ابن الزبير إيّاي إلى بيعته وأنّي امتنعت عليه معرفةً
لحقّك ، فإن يكن ذلك كذلك فلستُ أرجو بذلك برّك ، ولكنّ الله بما أنوي عليم.
وكتبتَ إليَّ أنّه أحثّ النّاس عليك وأخذلهم عن ابن الزبير ، فلا ولا سرور ولا
حبور ، بفيك الكثكث ولك الأثلب وإنّك العازب الرأي أنْ منّتك نفسك وإنّك لأنت
المنقود المثبور. وكتبت إليَّ بتعجيل برّي وصِلتي ، فاحبس أيّها الإنسان برّك ، فإنّي
حابس عنك ودّي ونصرتي ، ولَعمري ما تعطينا ممّا في يدك لنا إلاّ القليل ، وتحبس
منه الطويل العريض ، لا أباً لك! أتراني أنسى قتلك حسيناً وفتيان بني عبد المطّلب
ومصأبيح الدجى