عبيد الثقفي ، ولكن
ابن زياد أجّله في الكوفة ثلاثاً ، ولمّا خطب ابن زياد بعد قَتْل ابن عفيف ونال من
أمير المؤمنين (ع) ، ثار المختار في وجهه وشتمه وقال : كذبت يا عدوّ الله وعدوّ
رسوله ، بل الحمد لله الذي أعزَّ الحسين (ع) وجيشه بالجنّة والمغفرة وأذلَّك
وأذلَّ يزيد وجيشه بالنّار والخزي. فحذفه ابن زياد بعمود حديد فكسر جبهته ، وأمر
به إلى السّجن ولكن النّاس عرّفوه بأنّ عمر بن سعد صهره على اُخته وصهره الآخر عبد
الله بن عمر وذكروا ارتفاع نسبه ، فعدل عن قتله وأبقاه في السّجن. ثمّ تشفّع فيه
ثانياً عبد الله بن عمر عند يزيد ، فكتب إلى عبيد الله بن زياد بإطلاقه [١].
ثمّ أخذ المختار يخبر الشيعة بما علمه من خواص أصحاب أمير المؤمنين (ع) من نهضته
بثأر الحسين (ع) وقتله ابن زياد والذين تألبوا على الحسين (ع) [٢].
ومن ذلك إنّه كان في حبس ابن زياد ، ومعه
عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب ، وميثم التمّار. فطلب عبد الله بن
الحارث حديدة يزيل بها شعر بدنه وقال : لا آمن من ابن زياد القتل فأكون قد ألقيت
ما على بدني من الشعر ، فقال له المختار : والله لا يقتلك ولا يقتلني ولا يأتي
عليك إلاّ القليل حتّى تلي البصرة ، وميثم يسمع كلامهما فقال للمختار : وأنت تخرج
ثائراً بدم الحسين (ع) وتقتل هذا الذي يريد قتلنا وتطأ بقدميك على وجنتيه [٣].
فكان الأمر كما قالا. خرج عبد الله بن الحارث بالبصرة بعد هلاك يزيد ، وأمّره أهل
البصرة ، وبقي على هذا سنة ، وخرج المختار طالباً بدم الحسين (ع) فقتل ابن زياد ، وحرملة
بن كاهل ، وشمر بن ذي الجوشن إلى العدد الكثير من أهل الكوفة الخارجين على الحسين
(ع) ، فبلغ من قتلهم ثمانية عشر ألفاً ـ كما يحدّث به ابن نما الحلّي ـ وهرب منهم
إلى مصعب الزبيري زهاء عشرة آلاف [٤]
فيهم شبث بن ربعي جاء راكباً بغلة قد قطع اُذنها وذنبها في قباء مشقوق وهو ينادي :
وا غوثاه! سِر بنا إلى محاربة هذا الفاسق الذي هدم دورنا وقتل أشرافنا [٥].
[١] مقتل الخوارزمي ٢
ص ١٧٨ ـ ١٧٩ ، واختصره في رياض الأحزان ص ٥٨.