فالتفت إليها ابن زياد وقال : لقد شفى
الله قلبي من طاغيتك والعصاة المردة من أهل بيتك.
فرقّت العقيلة وقالت : لَعمري لقد قتلت
كهلي ، وابرزت أهلي ، وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي ، فإنْ يشفك هذا فقد اشتفيت [١].
والتفت إلى علي بن الحسين (ع) وقال له :
ما اسمك؟ قال : «أنا علي بن الحسين». فقال له : أوَلَم يقتل الله علياً؟
فقال السّجاد (ع) : «كان لي أخ أكبر
منّي [٢] يُسمّى علياً قتله
النّاس». فردَّ عليه ابن زياد بأنّ الله قتله.
قال السّجاد (ع) : «الله يتوفّى الأنفس
حين موتها ، وما كان لنفس أنْ تموت إلاّ بإذن الله».
فكبر على ابن زياد أنْ يرد عليه ، فأمر
أنْ تضرب عنقه.
لكن عمتّه العقيلة اعتنقته وقالت : حسبك
يابن زياد من دمائنا ما سفكت ، وهل أبقيت أحداً [٣]
غير هذا؟ فإنْ أردت قتله ، فاقتلني معه.
فقال السّجاد (ع) : «أما علمتَ أنّ
القتل لنا عادة ، وكرامتنا من الله الشهادة؟!» [٤]
فنظر ابن زياد إليهما وقال : دعوه لها ، عجباً للرحم! ودَّت أنّها تُقتل معه [٥].
وأخذت الرباب زوجة الحسين (ع) الرأس
ووضعته في حجرها وقبّلته وقالت :
[١] كامل ابن الأثير
٤ ص ٣٣ ، ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٤٢ ، وتاريخ الطبري ٦ ص ٢٦٣ ، وإرشاد المفيد ، وإعلام
الورى للطبرسي ص ١٤١. وفي كامل المبرّد ٣ ص ١٤٥ طبعة سنة (١٣٤٧) : لقد أفصحت زينب
بنت علي وهي أسنّ مَن حمل إلى ابن زياد وأبلغت وأخذت من الحجّة حاجتها فقال ابن
زياد لها : إنْ تكوني بلغت من الحجّة حاجتك فقد كان أبوكِ خطيباً شاعراً. فقالت : ما
للنّساء والشعر. وكان ابن زياد ألكناً يرتضخ الفارسيّة اهـ.
[٢] نصّ عيه ابن جرير
الطبري في المنتخب من الذيل ص ٨٩ ، ملحق بالتاريخ ص ١٢ ، وأبو الفرج في المقاتل ص ٤٩
طبعة ايران ، والدميري في حياة الحيوان بمادّة (بغل) ، والمنتخب للطريحي ص ٢٣٨
المطبعة الحيدريّة ونسب قريش لمصعب الزبيري ص ٥٨ ، وذكرنا في رسالة (علي الأكبر) ص
١٧ ، نصوص المؤرخين : على أنّ المقتول هو الأكبر.