لمّا رجع ابن زياد من معسكره بالنّخيلة
ودخل قصر الإمارة [٢]
ووضع أمامه الرأس المقدّس ، سالت الحيطان دماً [٣]
وخرجت نار من بعض نواحي القصر وقصدت سرير ابن زياد [٤]
فولّى هارباً منها ودخل بعض بيوت القصر فتكلّم الرأس الأزهر بصوت جهوري ـ سمعه ابن
زيد وبعض مَن حضر ـ :
«إلى أين تهرب فإنْ لَم تنلك في الدنيا
فهي في الآخرة مثواك» ، ولَم يسكت حتّى ذهبت النّار. واُدهش مَن في القصر لهذا
الحادث الذي لَم يشاهد مثله [٥]
ولَم يرتدع ابن زياد لهذا الحادث بل أذِن للنّاس إذناً عامّاً ، وأمر بإدخال
السّبايا مجلسه ، فاُدخلت عليه حرم رسول الله بحالة تقشعّر لها الجلود [٦].
ووضع رأس الحسين (عليه السّلام) بين
يدَيه ، وجعل ينكت بالقضيب ثناياه
[١] في كتاب صفّين
لنصر بن مزاحم ص ٨ ، طبعة مصر : لمّا دخل علي (ع) الكوفة ، قيل : أي القصرين ننزلك؟
قال : «قصر الخبال لا تنزلونيه». فنزل على جعدة بن هبيرة المخزومي. والخبال كما في
الفائق للزمخشري والنّهاية لابن الأثير ومقاييس اللغة لابن فارس : مادة (خبل) ، الخبل
: الفساد ، وحراقة صديد أهل النّار ، والمراد هنا منزل أهل الجَور والفساد.
[٢] في لطائف المعارف
للثعالبي ص ١٤٢ ، الباب التاسع : روى عبد الملك بن عمير اللخمي قال : رأيت في قصر
الإمارة رأس الحسين بن علي بن أبي طالب عند عبيد الله بن زياد على ترس ، ورأيت رأس
عبيد الله بن زياد عند المختار على ترس ، ورأيت رأس المختار عند مصعب بن الزبير
على ترس ، ورأيت رأس مصعب بين يدَي عبد الملك بن مروان على ترس ، ولمّا حدّثت بذلك
عبد الملك تطيّر منه وفارق مكانه. ورواه السّيوطي في تاريخ الخلفاء ص ١٣٩ ، وسبط
ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص ١٤٨ ، طبعة ايران.
[٣] تاريخ ابن عساكر
٤ ص ٣٣٩ ، والصواعق المحرقة ص ١١٦ ، وذخائر العقبى ص ١٤٥ ، وابن طاووس في الملاحم ص
١٢٨ الطبعة الاُولى.
[٤] كامل ابن الأثير
٤ ص ١٠٣ ، ومجمع الزوائد لابن حجر ٩ ص ١٩٦ ، والمقتل للخوارزمي ٢ ص ٨٧ ، والمنتخب
للطريحي ص ٣٣٩ ، المطبعة الحيدريّة ، والبداية لابن كثير ٨ ص ٢٨٦.