ولم يزل يحمل على المَيمنة ويعيدها على
المَيسرة ويغوص في الأوساط ، فلَم يقابله جحفل إلاّ ردّه ، ولا برز إليه شجاع إلاّ
قتله :
يرمي الكتائب والفلا غصَّت بها
في مثلها من بأسه المتوقِّد
فيردّها قسراً على أعقابها
في بأس عرّيس العرينة ملبد
فقتل مئة وعشرين فارساً. وقد اشتدّ به
العطش فرجع إلى أبيه يستريح ويذكر ما أجهده من العطش [٣]
فبكى الحسين (ع) وقال : «وآ غوثاه! ما أسرع الملتقى بجدّك فيسقيك بكأسه شربةً لا
تظمأ بعدها» وأخذ لسانه فمصّه ودفع إليه خاتمه ليضعه في فيه [٤].
[٤] مقتل الخوارزمي ٢
ص ٣١ ، ومقتل العوالم ص ٩٥. جاء في معاهد التنصيص للعباسي ٢ ص ٥١ : أنّ يزيد بن
مزيد الشيباني لمّا لحق الوليد بن طريف وأجهده العطش ، وضع خاتمه في فمه وتبع
الوليد حتّى طعنه بالرمح. وروى الكليني في الكافي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه
لا بأس للصائم أن يمصّ الخاتم ، وبه أفتى العلماء بالجواز ولعلّ من أسراره أنّه
يسبب عمل الغدد في الإفراز ، وعليه فلا خصوصيّة للخاتم بل كلّ ما يسبب عمل الغدد
في الإفراز يوضع في الفم كالحصى ونحوهما.