فدعوني أنصرف عنكم
إلى مأمن من الأرض». فقال له قَيس بن الأشعث : أولا تنزل على حكم بني عمّك؟ فإنّهم
لَن يروك إلاّ ما تُحبّ ولَن يصل إليك منهم مكروه.
فقال الحسين (عليه السّلام) : «أنت أخو
أخيك ، أتريد أن يطلبك بنو هاشم أكثر من دم مسلم بن عقيل؟ لا والله لا اُعطيكم
بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد [١]
، عباد الله إنّي عذتُ بربّي وربّكم أنْ ترجمون ، أعوذ بربّي وربّكم من كلّ
متكبِّر لا يؤمن بيوم الحساب».
[١] (بالفاء الموحّدة
فيهما) ، رواه ابن نما في مثير الأحزان ص ٢٦ ، وهو أصح ممّا يمضي على الألسن ، ويوجد
في بعض المقاتل (بالقاف) من الإقرار ؛ لأنّه على هذا تكون الجملة الثانية غير
مفيدة ، إلاّ ما أفادته التي قبلها بخلافه على قراءة الفرار ، فإنّ الجملة الثانية
تفيد أنّه لا يفرّ من الشدة والقتل ، كما يصنعه العبيد. وهو معنى غير ما تؤدي إليه
الجملة التي قبلها ، على أنّه يوجد في كلام أمير المؤمنين ما يشهد له ، ففي تاريخ
الطبري ٦ ص ٧٦ الطبعة الاُولى وكامل ابن الأثير ٣ ص ١٤٨ ، ونهج البلاغة ١ ص ١٠٤ ، المطبعة
الأميريّة : إنّ أمير المؤمنين قال في مصقلة بن هبيرة لمّا فرّ إلى معاوية : «ما
لَه فعل فعل السيّد ، وفرّ فرار العبد ، وخان خيانة الفاجر؟!» ، وقصّته على ما
ذكرها ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص ١٦٤ : إنّ أصحاب الحريث بن راشد من بني عبد
البيت بن الحارث ارتدّوا أيام علي (ع) فحاربهم وقتلهم وسبى نساءهم وأبناءهم ، فابتاعهم
مصقلة الشيباني وأعتقهم ثمّ هرب إلى معاوية ، فأمضى علي (ع) عتقه لهم.