واستأذن حبيب بن مظاهر من الحسين أنْ
يأتي بني أسد وكانوا نزولاً بالقرب منهم فأذِن له ، ولمّا أتاهم وانتسب لهم عرفوه
، فطلب منهم نصرة ابن بنت رسول الله فإنّ معه شرف الدنيا والآخرة ، فأجابه تسعون
رجلاً ، وخرج من الحي رجل أخبر ابن سعد بما صاروا إليه ، فضمّ إلى الأزرق أربعمئة
رجل وعارضوا النّفر في الطريق واقتتلوا ، فقُتل جماعة من بني أسد وفرّ مَن سلِم
منهم إلى الحي فارتحلوا جميعاً في جَوف الليل خوفاً من ابن سعد أنْ يبغتهم ، ورجع
حبيب إلى الحسين وأخبره ، فقال : «لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العظيم» [٢].
اليوم التاسع
ونهض ابن سعد عشيّة الخميس لتسع خلون من
المحرّم ، ونادى في عسكره بالزحف نحو الحسين ، وكان (عليه السّلام) جالساً أمام
بيته محتبياً بسيفه ، وخفق برأسه فرأى رسول الله يقول : انّك صائر إلينا عن قريب.
وسمعت زينب أصوات الرجال وقالت لأخيها : قد اقترب العدوّ منّا.
غير خاف ما في هذه الكلمة الذهبية من
مغزى دقيق ، ترى الفكر يسف عن مداه وأنّى له أن يحلق إلى ذروة الحقيقة من ذات
طاهرة تُفتدى بنفس الإمام علّة الكائنات والفيض الأقدس للممكنات.