سفيان فوجدتموهم كما
تحبّون ، وهذا أمير المؤمنين يزيد قد عرفتموه ، حسن السّيرة ، محمود الطريقة
محسناً إلى الرعيّة ، يعطي العطاء في حقّه ، وقد أمنت السّبل على عهده وكذلك كان
أبوه معاوية في عصره ، وهذا ابنه يزيد يُكرم العباد ويغنيهم بالأموال ، وقد زادكم
في أرزاقكم مئة مئة ، وأمرني أنْ أوفرها عليكم ، وأخرجكم إلى حرب عدوّه الحسين ، فاسمعوا
له وأطيعوا.
ثمّ نزل ووفّر العطاء ، وخرج إلى
النخيلة [١]
وعسكر فيها. وبعث على الحصين بن نمير التميمي ، وحجّار بن أبجر ، وشمر بن ذي الجوشن
، وشبث بن ربعي وأمرهم بمعاونة ابن سعد. فاعتلّ شبث بالمرض [٢]
، فأرسل إليه : أن رسولي يخبرني بتمارضك وأخاف أنْ تكون من الذين إذا لقوا الذين
آمنوا قالوا آمنّا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحن مستهزؤن ، فإنْ
كنت في طاعتنا فأقبل مسرعاً ، فأتاه بعد العشاء ؛ لئلا ينظر إلى وجهه فلم يجد عليه
أثر العلّة ، ووافقه على ما يريد [٣].
وجعل عبيد الله بن زياد زجر بن قيس
الجعفي على مسلحة في خمسمئة فارس ، وأمره أنْ يقيم بجسر الصراة يمنع مَن يخرج من
الكوفة يريد الحسين (ع) ، فمرّ به عامر بن أبي سلامة بن عبد الله بن عرار الدالاني
فقال له زجر : قد عرفتُ حيث تريد فارجع ، فحمل عليه وعلى أصحابه فهزمهم ومضى ، وليس
أحد منهم يطمع في الدنوّ منه ، فوصل كربلاء ولحق بالحسين (عليه السّلام) حتّى قُتل
معه ، وكان قد شَهد المشاهد مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) [٤].
الحسين عند الكوفيين
ولم تزل الكراهية ظاهرة على الناس في
قتال الحسين لانه ابن الرسول
[١] هي العباسية في
كلام ابن نما ، وتعرف اليوم بالعباسيات ، وموقعها قريب من ذي الكفل ، وفي اليقين
لرضي الدين ابن طاووس ص ١٤٧ باب ١٤٦ : إنّ النخيلة تبعد عن الكوفة فرسخين.
[٤] الاكليل للهمداني
١٠ ص ٨٧ و ١٠١ : ودالان بطن من همدان منهم بنو عرار بضمّ العين وهو عرار ابن رؤاس
بن دالان بن جييش بن ماشبح بن وادعه. وفي جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٣٢١ ذكر
نسب وادعة.