وعند الصباح أتى ابن زياد وقال : إنّك
ولّيتني هذا العمل وسمع به النّاس ، فأنفذني له وابعث إلى الحسين مَن لستُ أغنى في
الحرب منه. وسمّى له اُناساً من أشراف الكوفة.
فقال ابن زياد : لستُ استأمرك فيمن
أُريد أن أبعث ، فإن سرت بجندنا ، وإلاّ فابعث إلينا عهدنا ، فلمّا رآه ملحّاً قال
: إنّي سائر [١]
، فأقبل في أربعة آلاف وانضمّ إليه الحرّ فيمن معه. ودعا عمر بن سعد عزرة بن قيس
الأحمسي ، وأمره أن يلقى الحسين ويسأله عمّا جاء به فاستحيا عزرة ؛ لأنّه ممَّن
كاتبه ، فسأل مَن معه من الرؤساء أنْ يلقوه فأبوا ؛ لأنهم كاتبوه.
فقام كُثَير بن عبد الله الشعبي وكان
جريئاً فاتكاً وقال : أنا له ، وإنْ شئت أنْ أفتك به لفعلت. قال : لا ، ولكن سله
ما الذي جاء به؟ فأقبل كُثَير وعرفه أبو ثمامة الصائدي فقام في وجهه ، وقال : ضع
سَيفك وادخل على الحسين ، فأبى واستأبى ثمّ انصرف.
فدعا عمر بن سعد قرّة بن قيس الحنظلي
ليسأل الحسين ، ولمّا أبلغه رسالة ابن سعد : قال أبو عبد الله «إنّ أهل مصركم
كتبوا إليَّ أنْ اقدم علينا ، فأمّا إذا كرهتموني انصرفتُ عنكم».
فرجع بذلك إلى ابن سعد ، وكتب إلى ابن
زياد بما يقول الحسين ، فأتاه جوابه : أمّا بعد ، فاعرض على الحسين وأصحابه البيعة
ليزيد ، فإنْ فعل رأينا رأينا [٢].
خطبة ابن زياد
وجمع ابن زياد النّاس في جامع الكوفة
فقال : أيّها النّاس إنّكم بلوتم آل أبي
[١] ابن الأثير ٤ ص ٢٢
: أقول جاء المثل مَن عافاك أغناك ، يتحدّث ابن الجوزي في صفوة الصفوة ٣ ص ١٦١ : إنّ
رجلا بالبصرة من قوّاد ابن زياد سقط من السطح فتكسّرت رجلاه فعاده أبو قلابة وقال
: أرجو أن يكون هذا خيراً لك فتحقق قوله حين حمله ابن زياد على الخروج إلى حرب
الحسين (ع) ، فقال للرسول : انظر ما أنا فيه. وبعد سبعة أيام أتاه الخبر بقتل
الحسين (ع) ، فحمد الله على العافية.