وأثخنته الجراحات ، وأعياه نزف الدّم ، فاستند
إلى جنب تلك الدار ، فتحاملوا عليه يرمونه بالسّهام والحجارة ، فقال : مالكم
ترموني بالحجارة كما ترمى الكفّار ، وأنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار ، ألا ترعون
حقّ رسول الله في عترته؟
فقال له ابن الأشعث : لا تقتل نفسك وأنت
في ذمّتي ، قال مسلم : أاُوسر وبي طاقة؟! لا والله لا يكون ذلك أبداً ، وحمل على
ابن الأشعث فهرب منه ، ثمّ حملوا عيه من كلّ جانب وقد اشتد به العطش ، فطعنه رجل
من خلفه فسقط إلى الأرض واُسر [٢].
وقيل : إنّهم عملوا له حفيرة وستروها
بالتراب ، ثمّ انكشفوا بين يدَيه حتّى إذا وقع فيها أسروه [٣].
ولمّا انتزعوه سيفه ، دمعت عينه فتعجّب
عمرو بن عبيد الله السّلمي من بكائه.
مسلم وابن زياد
وجيء به إلى ابن زياد ، فرأى على باب
القصر قلّة مبرَّدة فقال : اسقوني من
[١] هذه الأبيات
ذكرها ابن طاووس في اللهوف ص ٣٠ طبعة صيدا ، وابن نما في مثير الأحزان بدون الشطر
الخامس ، وسمّاه يوم (القرم) ، وذكرها الخوارزمي في المقتل ١ ص ٢٠٩ الفصل العاشر
بزيادة شطرين ولم ينسبها ، وذكر ابن شهر آشوب في المناقب ٢ ص ٢١٢ الطبعة الاُولى
ايران ستة أشطر.
وهذا اليوم لم يذكره
المؤلفون في أيام العرب الجاهلية ، نعم في معجم البلدان ٧ ص ٦٤ ، والمعجم ممّا
استعجم للبكري ٣ ص ١٠٦٢ ، وتاج العروس ٩ ص ٣١٠ : قرن : اسم جبل كانت فيه واقعة على
بني عامر ، وفي نهاية الارب للقلقشندي ص ٣٢١ : بنو قرن : بطن من مراد ، ومنهم
اُويس القرني ، وكلّه لا يرشدنا إلى شيء صحيح ، نعم ذكر محمّد بن حبيب النسابة في
رسالة المغتالين ص ٢٤٣ المدرجة في المجموعة السابعة من نوادر المخطوطات ، تحقيق
عبد السلام هارون : أنّ خثعماً قتلت الصميل أخا ذي الجوشن الكلابي ؛ فغزاهم ذو
الجوشن ، وسانده عيينة بن حصن على أن يكون له المغنم ، ولقوا خثعما بـ (الفزر) ، وهو
جبل ، فقتلا واثخنا وغنما ، قوتل بالجبل حمران بن مالك بن عبد الملك الخثعمي ، فأمره
أن يستأسر فأنشأ يقول :
أقسمت
لا اُقتل إلاّ حرّا
إنّي
رأيت الموت شيئاً نكرا
أكره أن اُخدع أو اُغرا
ثمّ قُتل ، ورثته
اُخته فقالت :
ويل
حمران أخا مظنه
أوفى
على الخير ولم يمنه
والطاعن
النجلاء مرثعنه
عائدها
مثل وكيف الشنه
[٢] مناقب ابن شهر
آشوب ٢ ص ٢١٢ ، ومقتل الخوارزمي ١ ص ٢٠٩ و ٢١٠.
[٣] المنتخب للطريحي ص
٢٩٩ المطبعة الحيدرية في النجف ، عند ذكر الليلة العاشرة.