وأمر ابن زياد محمّد بن الأشعث [٢]
، وشبث بن ربعي ، والقعقاع بن شور الذهلي [٣]
، وحَجّار بن أبجر [٤]
، وشمر بن ذي الجوشن ، وعمرو بن حريث أنْ يرفعوا راية الأمان ويخذِّلوا النّاس [٥]
، فأجاب جماعة ممَّن خيَّم عليهم الفرق ، وآخرون جرّهم الطمع الموهوم ، واختفى
الذين طهُرت ظمائرهم وكانوا يترقّبون فتح الأبواب للحملة على صولة الباطل.
مسلم في بيت طوعة
وانتهى بابن عقيل السّير إلى دور بني
جبلة من كندة ، ووقف على باب امرأة يقال لها طوعة اُمّ ولد كانت للأشعث بن قيس
أعتقها ، وتزوّجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالاً ، كان مع النّاس ، واُمّه واقفة
على الباب تنتظره ، فاستسقاها مسلم فسقته ، واستضافها فأضافته ، بعد أنْ عرَّفها
أنّه ليس له في المصر أهل ولا عشيرة ، وأنّه من أهل بيت لهم الشفاعة يوم الحساب ، وهو
مسلم بن عقيل فأدخلته بيتاً غير الذي ياوي إليه ابنها ، وعرضت عليه الطعام فأبى ، وأنكر
ابنها كثرة الدخول والخروج لذلك البيت ، فاستخبرها فلم تخبره إلاّ بعد أنْ حلف لها
كتمان الأمر.
وعند الصباح أعلم ابن زياد بمكان مسلم ،
فأرسل ابن الأشعث في سبعين من قيس ليقبض عليه ، ولمّا سمع مسلم وقع حوافر الخيل ، عرف
أنّه قد اُتي [٦]
فعجّل دعاءه الذي كان مشغولاً به بعد صلاة الصبح ، ثمّ لبس لامته وقال لطوعة : قد
أدّيتِ ما عليك من البِرّ ، وأخذتِ نصيبك من شفاعة رسول الله ، ولقد رأيت البارحة
عمّي أمير المؤمنين في المنام وهو يقول لي : أنت معي غداً [٧].
[٢] في الطبقات
لخليفة ١ ص ٣٣١ رقم ١٠٤٣ : محمّد بن الأشعث بن قيس اُمّه اُم فروة بنت أبي قحافة
قتل سنة ٦٧ مع مصعب أيام المختار ، الجرح والتعديل ٣ القسم الثاني ص ٢٠٦
[٣] في الطبقات
لخليفة ١ ص ٣٢٨ رقم ١٠٣٢ : القعقاع بن شور بن النعمان بن غنال بن حارثة بن عباد
ابن امرئ القيس بن عمرو بن شيبان بن ذهل ، نزل الكوفة. الجرح والتعديل ٣ القسم
الثاني ص ١٣٧.
[٤] في تاريخ الطبري
٦ ص ٨٤ : كان ابجر نصرانياً ، مات سنة أربعين.