ولمّا اجتمع عند الحسين ما ملأ خرجين ، كتب
إليهم كتاباً واحداً دفعه إلى هاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي
وكانا آخر الرُسُل ، وصورته : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من الحسين بن علي إلى
الملأ من المؤمنين والمسلمين أمّا بعد ، فإنّ هانئاً وسعيداً قدما عليَّ بكتبكم ـ
وكانا آخر مَن قدِم عليَّ من رُسُلكم ـ وقد فهمتُ كلّ الذي قصصتم وذكرتم ، ومقالة
جلّكم أنّه ليس علينا إمام فأقبِل لعلَّ الله يجمعنا بك على الهدى والحقّ ، وقد
بعثت إليكم أخي وابن عمّي وثقتي من أهل بيتي ، وأمرته أنْ يكتب إليَّ بحالكم
وأمركم ورأيكم ، فإنْ كتب أنّه قد اجتمع رأي ملأكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل
ما قَدِمت عليَّ به رُسُلكم وقرأتُ في كتبكم ، أقدِم عليكم وشيكاً إنْ شاء الله ، فلعَمري
ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائن بالحقّ والحابس نفسَه على
ذات الله ، والسّلام» [٢].
ثمّ دفع الكتاب إلى مسلم بن عقيل ، وقال له : «إنّي موجّهك إلى أهل الكوفة ، وسيقضي
الله من أمرك ما يُحبّ ويرضى ، وأنا أرجو أنْ أكون أنا وأنت في
[١] من قصيدة في
الحسين للشيخ محمّد بن اسماعيل البغدادي الحلّي ، الشهير بابن الخلفة ، المتوفى
سنة ١٢٤٧ (شعراء الحلة ٥ ص ١٧٤).