وحسب الشاعر أنّ تترتّب على عمله البار
هاتيك المثوبات الجزيلة ، التي تشفُّ عن أنّ ما يصفه بعين الله سبحانه حتّى يبوئه
لجليل سبحانه من الخلد حيث يشاء ، وتزدان به غرف الجنان ، ولا بُدعَ ، فإنّه
بهتافه هذا معدود من أهل الدعوة الإلهيّة ، المعلنين بكلمة الحقّ وتأييد الدِّين ؛
فهو بقوله الحقّ يرفع دعامة الأصلاح ، وتُشيّد مبانيه ، ويطأ نزعة الباطل بأخمص
الهدى ، ويقلع أشواكه المتكدّسة أمام سير المذهب ، ويُلحِب طريقه الواضح.
ولم يعهد من الأئمّة (عليهم السّلام) ـ
مع تحفّظهم على التقيّة ، وإلزام شيعتهم بها ـ تثبيط الشعراء عن المكاشفة في حقّهم
، وإظهار باطل المناوئين مع أنّ في الشعراء مَن لا يقرّ له قرار ، ولا يؤويه مكان
؛ فرقاً من أعداء أهل البيت (عليهم السّلام) لمحض مجاهرتهم بالولاء ، والدعوة إلى
طريقة آل الرسول (ص) ؛ كالكميت ودعبل الخزاعي ونظرائهما ، بل كانوا (عليهم السّلام)
يؤكّدون ذلك بالتحبيذ ، وإدرار المال عليهم ، وإجزال الهبات لهم ، وذكر المثوبات
على عملهم هذا.
وليس ذاك ؛ إلا لعلمهم بأنّ المكاشفة في
أمرهم أدخل في توطيد اُسس الولاية ، وعامل قوي لنشر الخلافة الإلهيّة حتّى لا يبقى
سمع إلا وقد طرقه الحقّ الصراح ، ثمّ تتلقاه الأجيال الآتية ، كلّ ذلك ؛ حفظاً
للدين عن الإندراس ؛ ولئلا تذهب تضحية اُمناء الوحي في سبيله إدراج التمويهات.
ولولا نهضة اُولئك الأفذاذ من رجالات
الشيعة للذبّ عن قدس الدِّين بتعريض أنفسهم للقتل ؛ كحجر بن عدي ، وعمرو بن الحمق
، وميثم التمّار ، وأمثالهم بما نال أهل البيت من أعدائهم ، لَما عرفت الأجيال
المتعاقبة موقف الأئمّة (عليهم السّلام) من الدِّين ، ولا ما قصده أعداؤهم من نشر
الجور والضلال.
إنّ الكلمة الناضجة في وجه حمل الحسين (ع)
عياله إلى العراق ، مع علمه بما يقدم عليه ومَن معه على القتل ، هي : أنّه (ع) لمّا
علم بأنّ قتلتَه سوف تذهب ضياعاً لو لم