نام کتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 164
موقوف على كلّ جزء من الغسل ، فإذا فرض عروض حدث أصغر في أثنائه ، فلا بدّ
لرفعه من مؤثّر تامّ ، وهو إمّا الغسل بجميع أجزائه ، كما قرّرناه ، أو الوضوء ،
والثاني منتفٍ في غسل الجنابة ؛ للإجماع على عدم مجامعة الوضوء الواجب له ، وما
بقي من أجزاء الغسل ليس مؤثّراً تامّاً لرفعه ، فلا بدّ من إعادته من رأس.
وهذا الدليل
كما دلّ على وجوب إعادته دلّ على انتفاء القولين الآخرين ، وهُما : الاكتفاء
بإتمامه خاصّةً ، كما اختاره ابن البرّاج وابن إدريس والشيخ علي [١] ؛ رحمهمالله ، أو إكماله والوضوء بعده ، كما هب إليه السيّد المرتضى
[٢] ؛ والمحقّق [٣]. ؛ إن قيل : لانسلّم أنّ الغسل يرفع الحدث الأكبر
والأصغر معاً ، بل إنّما يرفع الأكبر المنويّ رفعه ، ولهذا لو خلا عن مقارنة الحدث
الأصغر ، كان رفعه منحصراً في الأكبر ، والأصغر لا أثر له معه.
سلّمنا أنّ له
أثراً لكن أثره يرتفع على جهة الاستتباع لأعلى جهة الاستقلال ، وإلا لوجب نيّة
رفعه ؛ لحديث إنّما لكلّ امرئ ما نوى. [٤]
سلّمنا لكن عدم
تأثير ذلك البعض المتقدّم على الحدث الأصغر في رفعه يقتضي وجوب الوضوء للحدث لا
إعادة الغسل ، وإلا لزم كون الحدث الأصغر من موجبات الغسل ؛ لاشتراك الناقض
والموجب في المعنى.
قلنا : لمّا
دلّت الأدلّة بل الإجماع على أنّ الأحداث المعدودة سبب في وجوب الطهارة ثبت لها
الحكم ، سواء تعدّدت أم اتّحدت ، وتداخلها مع اتّفاقها أو دخول الأصغر تحت الأكبر
كما في الجنابة مع فرض الاجتماع لا يوجب سقوط ما ثبت لها من السببيّة ودلّ عليه
الدليل وانعقد عليه الإجماع ، فالأصل فيها أن يكون كلّ واحد منها سبباً تامّاً في
مسبّبها ، ولا معارض لذلك في غسل الجنابة إلا تخيّل الاكتفاء بالغسل لو اجتمع
الأكبر والأصغر أو وجد الأكبر خاصّة ، فيقتضي عدم الفرق بين وجود الأصغر وعدمه.
ولا حقيقة لهذا الخيال ؛ لأنّ التداخل لمّا ثبت للمتساويين قوّةً وضعفاً كما في
اجتماع أحداث كثيرة توجب
[١] جواهر الفقه :
١٢ ، المسألة ٢٢ ؛ السرائر ١ : ١١٩ ؛ جامع المقاصد ١ : ٢٧٦.