وقول الشاعر :
شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت [١]
وقوله :
شرب النزيف ببرد ماء الحشرج [٢]
ونُقل عن جميع الكوفيّين. [٣] وحُمل النفي المتقدّم على أنّه عن أهل بلد النافي لا غير ، كما صرّح به ابن جنّي. [٤]
ولما ذكره محقّقو الأُصول من أنّها إذا دخلت على المتعدّي بنفسه ، أفادت التبعيض ، وإلا لزم عدم فائدتها ، وللفرق بين مسحت المنديل ومسحت بالمنديل.
وهذه الحجّة قرّرها المصنّف أيضاً في كتب الأُصول ، [٥] لكن مع ثبوت النصّ عندنا لا يحتاج إلى ذلك.
وأمّا عند غيرنا ممّن لم يوجب استيعاب الرأس بالمسح : فلما نقلناه عن أهل العربيّة والأُصول.
ويدلّ على عدم وجوب الثلاث : قول الباقر عليهالسلام في حديث الأخوين
[٦] إذا مسحت بشيءٍ من رأسك أو بشيءٍ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك
[٧] فالشيء كما يتناول أقلّ من الثلاث يتناول أيضاً ما هو أقلّ من قدر الإصبع عَرضاً ، وهو معنى أقلّ الاسم كما قلنا.
إذا تقرّر ذلك ، فإن اقتصر المكلّف على الأقلّ ، فهو الواجب. وإن زاد عليه ، فلا ريب
[١] صدر بيت لأبي ذؤيب الهذلي ، وعجزه :
متى لجج خضر لهنّ نئيج
الخصائص ـ لابن جني ـ ٢ : ٨٥ ؛ شرح ابن عقيل ٢ : ٦.
[٢] عجز بيت ، وصدره :
فلَثَمْتُ فاها آخذاً بقرونها
والحشرج : كوز صغير لطيف. تهذيب اللغة ـ للأزهري ـ ٥ : ٣١٠ ؛ لسان العرب ٢ : ٢٣٧ ، «ح ش ر ج».
[٣] كما في مغني اللبيب ١ : ١٠٥ ؛ والذكرى ٢ : ١٣٦.
[٤] كما في الذكرى ٢ : ١٣٦.
[٥] منها : نهاية الوصول ، المقصد الثاني : في اللغات ، الفصل الثامن : في تفسير حروف ، البحث الثالث : في باقي الحروف ، المسألة الرابعة : الباء للإلصاق والاستعانة.
[٦] هما : زرارة وبكير ابنا أعين.
[٧] التهذيب ١ : ٩٠ / ٢٣٧ ؛ الإستبصار ١ : ٦١ / ١٨٢.