نام کتاب : رسائل آل طوق القطيفي نویسنده : الشيخ أحمد آل طوق جلد : 1 صفحه : 56
يجوز خلوّ زمانٍ من خليفة لله يقوم بحججه ، ويرشد الناس إلى ما يريده الله
منهم ممّا يوجب السعادة الأبديّة ، ويحذّرهم عمّا يوجب الشقاوة الأبديّة ، وهو
الحاكم الذي يقوم به عمارة الدنيا وتحصيل الآخرة. ولولاه لخربت الدنيا في أقلّ من
ساعة ، بل لم تقم أصلاً كما عرفت ؛ إذ هو باب الله الذي لا يؤتى إلّا منه ، فلو
عدم لانسدّ باب الجود والهداية ؛ لعدم تمكّن الخلق من قبولها ومعرفتها بدونه كما
بيّنا لك.
فإذن يجب
بمقتضى جُود الله ورحمته وعدله وحكمته أن يكون شخص معصوم في كلّ زمانٍ ؛ إذ ليس
أهل زمانٍ أولى بوجوده في زمانهم من غيرهم ، لأنه المرجع الذي يحكم لهم بالحقّ في
أمر الدين والدنيا ، ويُبطل الباطل ويُصَحّح الصحيح ، فلولاه لم يرتفع التشاجر
والخلاف ، ولم يُعرف الحقّ من الباطل ؛ فإن كلّ واحد يقول : الحقّ معي ويلزم غيري
موافقتي ، والميزان الذي توزن به الأفعال والأقوال هو المعصوم الذي لا ينطق إلّا
عن الله وبأمره.
ولمّا وصلت
النوبة إلى نبيّنا محمد : صلىاللهعليهوآله واقتضت حكمة الله أن يكون خاتم الرسل وأنه لا نبيّ بعده
، وجب في الحكمة أن يختار الله له خليفة بعلمه كما اختاره هو من خلقه وجعله محلّ
رسالته ، ولا بدّ أن يكون خليفته صفوة الخلق بعد الرسول : صلىاللهعليهوآله وأشرفهم من كلّ وجهٍ ، كما أن الرسول : صلىاللهعليهوآله كذلك.
ولمّا لم يجز
في الحكمة أن يكون الرسول على قدر ما يختارونه البشر ويرضونه ، بل الله أعلم حيث
يجعل رسالته ، كذلك لا يجوز ولا يمكن أن يكون خليفته باختيارهم ؛ لأن خليفة الرسول
يجب أن يسدّ مسدّه من كلّ وجهٍ ، ولا يمكن أن يسدّ مسدّه في كلّ وجهٍ إلّا إذا كان
معصوماً مثله ، مؤيّداً من الله ، مُسدّداً بإلهام الله ، عالماً بجميع ما يحتاج
له الخلق ، ولا يجوز عليه الكذب بوجه ، ولا مذامّ الأخلاق ، لأنه خليفة الله
ونائبه وبابه وسبيله الذي لا يؤتى إلّا منه. ومحال أن يعرف البشر مَن هو كذلك حتّى
يقيموه إماماً ، وإلّا لأمكنهم أن يعرفوا مَن هو أهل للرسالة فيختاروه رسولاً.
نام کتاب : رسائل آل طوق القطيفي نویسنده : الشيخ أحمد آل طوق جلد : 1 صفحه : 56