نام کتاب : رسائل آل طوق القطيفي نویسنده : الشيخ أحمد آل طوق جلد : 1 صفحه : 48
وهذه هداية
النجدين ، أي الطريقين ؛ إذ لو لم يفعل بهم ذلك لكانوا يعملون ما يبعّدهم من رحمته
تعالى وهم لا يشعرون ، بل لا يتحقّق منهم طاعة ولا معصية قبل التكليف والبيان ؛ إذ
لا يصف عاقل مَن فعل فعلاً لم يؤمر بفعله ويبيّن له بأنه مطيع ، ولا مَن تركه بأنه
عاصٍ ؛ لأن الطاعة والمعصية إنما هي بفعل المأمور به أو عدم فعله.
فإذن لا بدّ من
بعثة رسول هادٍ ومعلّم لما يريد الله من عباده ، ممّا يقرّبهم إلى مرضاته وينالون
به السعادة الأبديّة التي خُلِقوا ليمنّ الله عليهم بها ، وما يبعّدهم عن ذلك
ويوجب لهم الشقاوة الأبديّة ، وناراً لا ينقطع عذابها أُعدّت للعاصين.
وأيضاً لمّا
خلق الله البشر محتاجاً إلى معاون له في تحصيل معاشه الذي به يتمكّن من عبادة ربّه
من حين يولد إلى حين يموت ، لأنه لا يعيش إلّا بالأغذية والأدوية والأشربة والملبس
والمسكن والمنكح وغير ذلك ، وتحصيل ذلك لا يتمكّن منه واحد وحده ، فالناس مضطرّون
إلى معاملة بعضهم بعضاً ومشاركة بعضهم بعضاً في تحصيل ذلك ، ولجهلهم لا يعرف كلّ
واحد ما يخصّه وما لا يملكه ، فافتقروا إلى مَن يرشدهم لهداية الله إلى ما يحتاجون
من ذلك ، ويحكم لهم وعليهم.
وأيضاً فما خلق
الله بحكمته في الأرض من المعادن والنبات والحيوان ممّا فيه ضرر بالعقل أو بالبدن
، وقد [ .. [١] ] ما هو متمّ ومزكّ لهما والناس لا يعرفونه ، فلا بدّ
من مرشد هادٍ إلى ذلك ، يحلّل ويحرّم ، حاكم مطاع.
وأيضاً النفوس
طُبعت على حبّ الرئاسة والقهر والغلبة ، وعلى حبّ الاختصاص والانفراد بالمال وكلّ
ما تهواه وتشتهيه ، فكلّ واحدٍ يجهد في تحصيل ما يمكنه [ الحصول ] عليه من الدنيا
، وهذا يقتضي التشاجر والتحارب والتخاصم. فافتقروا إلى مَن يحكم لهم وعليهم
ويقهرهم ويردّ الظالم عن المظلوم ، ويأخذ للمجنيّ عليه بحقّه بهداية الله.