نام کتاب : رسائل آل طوق القطيفي نویسنده : الشيخ أحمد آل طوق جلد : 1 صفحه : 44
إذا عرفت أنه
تعالى واحد لا شريك له ولا شبه ، وأنه تعالى غنيّ بذاته عمّن سواه ، عالم بكلّ شيء
قادر على كلّ مقدور حكيم ، عرفت أنه تعالى خلق الخلق باختياره ، فليس هو تعالى
بمضطرّ إلى فعله وخلقه ولا مجبور ، ولا أن فعله بالطبع ، بل طبق حكمته ، لأنه
موصوف بكلّ كمالٍ ، لأنه مفيض كلّ خير وواهبه ، فهو أولى به ؛ لأن من لا يعرف
الكتابة لا يقدر أن يعلّمها غيره.
ونحن علمنا من
أنفسنا أنا نفعل أفعالنا باختيارٍ منّا ، ونعلم أن ليس صدور أفعالنا منّا ، كفعل
القدوم في يد النجار يجبره على القطع والنجر ، ولا كفعل النار في إحراقها ، والماء
في ترطيبه ما يلاقيه ، فإن ذلك فعل بالقسر والطبع. ونعلم أن الفعل الاختياري أفضل
وأشرف من القسري والطبيعي ، فوجب أن نعلم أن فعل العالِم بكلّ شيء القادر على كلّ
شيء ليس كقطع المنشار ، ولا كإحراق النار ، فإن كلّاً منهما يفعل فعله بغير علم
به ولا شعور ، ولا إرادة له ولا مشيئة ، فإنه نقص يجب أن ينزّه عنه البارئ تعالى.
وأيضاً ذلك
يقتضي أن يكون في خلقه من يجبره على فعله أو يركّب فيه طبيعةً تقتضي الفعل ؛ إذ
ليس في الوجود إلّا الله وخلقه ؛ إذ لا يمكن أن يكون شيء ليس بخالق ولا مخلوق ،
لأنه إذا كان واجب الوجود لا بدّ أن يكون خالقاً ، وإلّا كان مخلوقاً.
وأيضاً فعل
القدوم والنار لا يوصف بأنه كرمٌ وجُودٌ ، وفعل الله لا بدّ وأن يكون كرماً
وجُوداً ، وإلّا لم يكن جواداً فيتّصف بالنقص ، تعالى.
وأيضاً خلق
الاختيار للإنسان فلا بدّ أن يوصف به ، وإلّا لم يكن خالقه ؛ إذ لا يجود الشيء
إلّا بما يقدر عليه.
نام کتاب : رسائل آل طوق القطيفي نویسنده : الشيخ أحمد آل طوق جلد : 1 صفحه : 44