إذا
تمهّد هذا فاعلم : أنّه إن كان المراد باستلزام الضدّ الخاصّ لترك المأمور به ،
أنّه لا ينفكّ عنه ، وليس بينهما علّيّة ولا مشاركة في علّة ، فقد عرفت : أنّ
القول بتحريم الملزوم حينئذ لتحريم اللازم ، لا وجه له *. وإن كان المراد أنّه
علّة فيه ومقتض له ، فهو ممنوع ، لما هو بيّن ، من أنّ العلّة في الترك المذكور
إنّما هي وجود الصارف عن فعل المأمور به وعدم الداعي إليه ** ، وذلك مستمرّ مع فعل
الأضداد الخاصّة ؛
الخمسة المعروفة
فجعلها منقسمة إلى الأربعة ، وكأنّ ذلك ناش عن قصور عبارته في بيان المذهب أو قصور
من القوم في نقل مذهبه ، ومع ذلك فالأمر فيه سهل.
* أي حينئذ لم يكن
الملزوم علّة للازم ولا مشاركا له في العلّة لا وجه لتوهّم أنّه يحرم بتحريم
اللازم ، والتعبير عن الأوّل بالملزوم وعن الثاني باللازم لعلّه جري على ما هو
المذكور في الاستدلال من استلزام فعل الضدّ ترك المأمور به المصرّح بكون الفعل
ملزوما والترك لازما محرّما ، وإلاّ فاللزوم بالقياس إلى المتلازمين ثابت لكلّ
منهما ، فكلّ لازم وملزوم ، فيصحّ أن يقال مكان العبارة : « لا وجه للقول بتحريم
اللازم لتحريم الملزوم » كما لا يخفى.
** العطف فيما بين
وجود الصارف وعدم الداعي يمكن كونه عطف تفسير ، فيراد بهما عدم الشوق والميل
النفساني التابعين لعدم موافقة الغرض أو مخالفته ، ولكن يرد عليه حينئذ : بطلان
الحصر المستفاد من كلمة « إنّما » إذ العلّة في الترك كثيرا مّا تكون انتفاء
الإرادة بمعنى العزم على الإيجاد المقارن للفعل مع وجود الشوق والميل ، لما عرفت
من أنّها الجزء الأخير من العلّة التامّة للوجود لا مجرّد الشوق والميل ، أو يراد
بهما عدم الإرادة بهذا المعنى فيصحّ ، ولكن لا يساعده ظهور « الداعي » من حيث إنّه
في كلماتهم ظاهر في العلّة الغائيّة الّتي تنشأ منها الرجحان واعتقاده والشوق
والميل النفساني ، ويمكن كونه عطف بينونة فإمّا أن يراد « بالواو » حينئذ الجمع أو
أحد الأمرين بتنزيله منزلة « أو ».
والأوّل غير
مستقيم لعدم مدخليّة الانضمام في العلّيّة وكفاية مجرّد وجود الصارف في ترتّب
الترك عليه سواء انتفى معه الداعي أيضا أو لا.
والثاني سليم عمّا
ذكر ، ولكن يبقى المناقشة في جعل عدم الداعي قسيما لوجود