لنا
وجوه ، الأوّل : أنّا نقطع بأنّ السيّد إذا قال لعبده : « افعل كذا » فلم يفعل عدّ
عاصيا وذمّه العقلاء *
جملة منها لآخر
نظر واضح يظهر بأدنى تأمّل ، وعلى كلّ تقدير فقد اتّفقوا على عدم كونها حقيقة في
الجميع ، بدعوى اختصاص وضعها بالبعض ، ولكنّهم اختلفوا في تعيين ذلك البعض على
أقوال عرفتها مشروحة ، إلاّ أنّ المصنّف صار إلى أنّ ذلك البعض هو الوجوب خاصّة
دون غيره ، وأنّ ما عداه معاني مجازيّة تعرف من الخارج ، وهو الراجح في النظر
القاصر.
* ولا يخفى أنّ
ذلك إحراز لصغرى القياس في أخصّ موارده ، واستدلال على الملزوم بأظهر لوازمه ،
فإنّ المقصد الأصلي في المقام إنّما هو التمسّك بالتبادر الّذي هو من شواهد الوضع
وعلائم الحقيقة ، ولمّا كان ذلك من الامور الباطنيّة الّتي قد تعتريها أيادي
الإنكار وكثيرا مّا لا تجدي نفعا في إفحام الخصم وإسكاته وقطع العذر عليه فاحتجّوا
بما هو محسوس من لوازمه ، وهو ذمّ العقلاء عبدا ترك الامتثال بمقتضى الصيغة
الصادرة عن سيّده ، الكاشف عن تبادر الوجوب إلى أذهانهم وكونه ممّا فهمه العبد
أيضا فخالف ، وهو
الأوّل
: الإيجاب كقوله تعالى : (أَقِيمُوا
الصَّلاةَ).
الثاني : الندب كقوله : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ
خَيْراً).
الثالث : الارشاد كقوله تعالى
: (وَأَشْهِدُوا إِذا
تَبايَعْتُمْ). وهذه الثلاثة مشتركة في طلب تحصيل المنفعة إلاّ أنّ المصلحة في الأوّلين
اخرويّة وفي الثالث دنيويّة ، إذ الثواب لا ينقص ولا يزداد بالإشهاد ولا بعدمه.
الرابع : التهديد كقوله تعالى
: (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ).
الخامس : الإهانة كقوله تعالى
: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ).
السادس : الدعاء مثل (رَبِّ اغْفِرْ).
السابع : الإباحة كقوله تعالى
: (وَإِذا حَلَلْتُمْ
فَاصْطادُوا).
الثامن : الامتنان كقوله تعالى
: (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ).
التاسع : الإكرام كقوله تعالى
: (ادْخُلُوها بِسَلامٍ
آمِنِينَ).