ولم ينقلوا خلافا
إلاّ في الأخير باعتبار كونه مرادفا للواجب وعدمه.
والمحكيّ فيهما ـ على
ما في كلام بعضهم ـ أقوال ثلاث :
أحدها : ما ذهب
إليه في النهاية والتهذيب وشرحه من كونهما مترادفين ، وعزي أيضا إلى المبادئ وشرحه
، والزبدة ، والمختصر وشرحه ، والإحكام ، وعن شرح المختصر التصريح بكون هذا القول
ما صار إليه الجمهور.
وثانيهما : ما عن
الحنفيّة من أنّ « الفرض » ما علم بدليل قطعي ، و « الواجب » : ما علم بدليل ظنّي
، وحجّتهم على ما في النهاية : أنّ « الفرض » لغة التقدير ، قال الله تعالى ( فَنِصْفُ
ما فَرَضْتُمْ )[١] أي ما قدّرتم ، و « الوجوب » السقوط ، فخصّصنا « الفرض » بما عرف وجوبه بدليل
قطعي لأنّه الّذي علم منه تعالى أنّه قدّره علينا.
وأمّا الّذي عرف
بدليل ظنّي فإنّه الواجب لأنّه الساقط علينا ، ولا نسمّيه فرضا لعدم علمنا بأنّه
تعالى قدّره علينا.
وأجاب عنه : بأنّ
« الفرض » هو التقدير سواء استند إلى علم أو ظنّ ، كما أنّ « الواجب » هو الساقط
من غير اعتبار سببه ، وكما أنّ اختلاف طرق النوافل غير موجب لاختلاف حقائقها ،
وكذا طرق الحرام فكذلك طرق الواجب ، مع أنّه تعالى قد أطلق « الفرض » على الواجب
في قوله : ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ )[٢] أي أوجب ، والإجماع منعقد على أنّه يقال ـ لمن أدّى صلاة
مختلفا فيها ـ : أنّه قد أدّى فرض الله تعالى ، والأصل في الإطلاق الحقيقة.
وثالثها : ما نقل
عمّا حكي عن صاحب الحدائق من أنّ « الفرض » ما يجب إعادة الصلاة بتركه عمدا أو
نسيانا وهو ما ثبت وجوبه بالكتاب ، وأمّا ما ثبت وجوبه بالسنّة فهو واجب لا تبطل
بتركه سهوا ، وبذلك صرّح الأصحاب وإليه يشير صحاح زرارة ومحمّد بن مسلم ، وعنه
أيضا ويدلّ على المشهور ما رواه الكليني في الكافي في الصحيح عن أحدهما عليهماالسلام قال : « إنّ الله تعالى فرض الركوع والسجود والقراءة سنّة فمن ترك القراءة
متعمّدا أعاد الصلاة ، ومن نسي القراءة فقد تمّت صلاته ولا شيء عليه » انتهى.
* وعن العضدي أيضا
أنّه عزاه إلى الجمهور ، وعزاه في النهاية إلى جماعة من المتكلّمين