* اختلف مشاربهم
في عنوان تلك المسألة فجماعة منهم المصنّف جعلوه في مباحث الأمر الّذي هو من مقولة
الألفاظ هنا ، القاضية بكون البحث فيها راجعا إلى الدلالات اللفظيّة وجماعة منهم
البهائي رحمهالله والحاجبي ـ على ما حكي عنه ـ ذكروه في المبادئ الأحكاميّة
، وكأنّ العلاّمة في التهذيب وافقهم حيث أورد في مباحث الوجوب عقيب البحث عن
الأوامر ، وبعضهم [١] على ما حكاه بعض مشايخنا وبعض الأفاضل أدرجه في الأدلّة
العقليّة.
وربّما يرجّح [٢] ذلك وسابقه بأنّ لهما مناسبة ووجها ، فإنّ من الأحكام الوجوب الّذي يقع فيه
بحثان أحدهما : البحث عن حقيقة الوجوب وأقسامه من العيني والكفائي والتعييني
والتخييري والموسّع والمضيّق ، والآخر : البحث عن لوازمه من وجوب مقدّمة متعلّقه
وحرمة ضدّ ذلك المتعلّق الّذي يبحث عنهما في بحث مقدّمة الواجب وكون الأمر بالشيء
نهيا عن ضدّه ، فلأجل ذلك يناسب إيراده في مباحث الأحكام ومبادئها.
وأمّا مناسبة ذكره
في الأدلّة العقليّة فلأنّ الدليل العقلي عبارة عن حكم عقلي يتوصّل بصحيح النظر
فيه إلى حكم شرعي ، وهو على قسمين أحدهما : أن يحكم بلا توسّط خطاب الشرع وملاحظته
، كحكمه بحسن الصدق والإحسان وقبح الكذب والعدوان وغير ذلك ممّا يرجع إلى مسألة
التحسين والتقبيح العقليّين ، إذ لا شبهة في أنّ العقل في حكمه