في الامتثال
بالواجب والمندوب أو لا؟ والأقرب عدم الشرطيّة وفاقا للمشهور مع فقد الدلالة عليه
من حيث اللفظ ، لسكوته عنه نفيا وإثباتا ، وعدم نهوض دلالة خارجيّة عليه أيضا ،
فيبقى الاصول المعتضد بعضها ببعض سليمة عن المعارض.
بقى في
المقام فوائد
الاولى : إذا ثبت
من الخارج أنّ قصد الامتثال شرط في المأمور به ، فهل يكفي في ذلك العلم الإجمالي
بالامتثال أو لابدّ من العلم التفصيلي؟
وهو علمه بأنّ ما
يأتي به من العمل هو الّذي أمره الشارع به علما تفصيليّا ، كالصلاة إلى جهة القبلة
مع العلم التفصيلي بكونها جهة القبلة.
قيل : وقد يتوهّم
أنّ أدلّة الإطاعة تقضي بالثاني ، فاورد عليه : بأنّه غلط تعليلا بأنّها مطلقة ،
إلاّ أنّ المشهور استشكلوا في الاكتفاء بالإجمال مع إمكان التفصيل بل صرّحوا بعدم
جوازه ، فلذا حكموا في مثل الصلاة إلى القبلة بتعيّن الصلاة إلى ما يعلم كونها
قبلة من الجهات تفصيلا ، فلا يكتفى مع إمكانه بإتيانها إلى الجوانب الأربع ، ومثله
ما لو كان له ثوبان أحدهما طاهر بالعلم التفصيلي والآخر بالعلم الإجمالي فيتعيّن
الأوّل ، وهكذا غير ذلك من موارد المسألة ، ولا يبعد المصير إليه إن لم يمنعنا
صارف ، إلاّ أنّ المسألة لابدّ فيها من التأمّل فيما بعد ذلك.
الثانية : قد
أشرنا سابقا إلى ما توهّمه بعضهم من الفرق بين التعبّديّات والتوصّليّات باشتراط
الأوّل بالمباشرة النفسيّة دون الثاني.
وأورد عليه بعض
مشايخنا : بأنّ المباشرة النفسيّة إن اريد بها استفادتها عن ظاهر اللفظ فلا وجه
للفرق بين المقامين لوضوح كونها مستفادة في كليهما ، فإنّ قوله : « اضرب زيدا »
ظاهر في المباشرة سواء اريد به التعبّدي أو التوصّلي.
والسرّ في ذلك :
كونه طلبا للفعل عن فاعله الّذي هو المخاطب ، ومعنى كونه مطلوبا عن المخاطب
مطلوبيّة صدوره عنه بنفسه وهو معنى المباشرة ، فإرادة حصوله في الخارج كيفما اتّفق
ولو عن غير المخاطب مجاز ، لاتّفاق علماء العربيّة على مجازيّة قوله تعالى : ( يا هامانُ
ابْنِ لِي صَرْحاً )[١] لكونه من باب الإسناد إلى السبب وهو خلاف ما يقتضيه ظاهر اللفظ ، وأصالة
الحقيقة تمنعه لقضائها بلزوم المباشرة في كلا المقامين إلى أن يثبت دلالة خارجيّة
على أنّ المراد مجرّد الحصول من أيّ فاعل كان ، فيكون ذلك حاكما على اللفظ