ولا
ريب في شهادة العرف * بأنّه لو أتى بالفعل مرّة ثانية وثالثة لعدّ ممتثلا وآتيا
بالمأمور به. وما ذاك إلاّ لكونه موضوعا للقدر المشترك بين الوحدة والتكرار ، وهو
طلب إيجاد الحقيقة ، وذلك يحصل بأيّهما وقع.
والثاني سند للمنع
، ولا يخفى أنّ ذلك سياق مستحسن فيما بين أهل المناظرة ، فما يقال عليه : من أنّه
لا حاجة في دفع الاحتجاج إلى هذه الضميمة لاندفاعه بمجرّد قيام الاحتمال المذكور
ليس ممّا يلتفت إليه ، ولو اريد بالضميمة مجموع المقدّمتين المستلزم لكون المراد
بالاحتمال ما في قوله : « إنّما صار ممتثلا لأنّ المأمور به وهو الحقيقة حصل
بالمرّة » لكان المراد بالضميمة تكميل الإيراد وتكثيرا في إيضاح ما في الاستدلال
من الفساد كما فهمه الفاضل المعترض.
* ولا يخفى أنّ
بناء هذا الكلام على ما حرّرنا الخلاف فيه على القول بالماهيّة من كون ما زاد على
المرّة الاولى امتثالا ، وقد قدّمنا ما عندنا من التحقيق في ذلك فلا حاجة إلى
إعادته هنا ، وقد يعتذر عنه بحمله على ما لا يخالف مذهب المانع عمّا ذكر ـ كما
اخترناه في الجملة ـ من إرادة الامتثال بالنسبة إلى المرّة الاولى ، بدعوى : أنّ
المصنّف إنّما فهم من أصحاب القول بالمرّة المرّة التقييديّة فيكون ما ذكره ردّا
عليه ، ولكنّه بعيد ولا سيّما بملاحظة لفظة « فيه » في قوله قبل ذلك : « لم يصدق
الامتثال فيما بعدها » لظهورها في كون كلّ من الثانية والثالثة محقّقا للامتثال ،
لا أنّه مؤكّدا للامتثال بالأوّل فقط.
حجّة القول
بالاشتراك بينهما لفظا ـ على ما حكاه بعض الأجلّة ـ : استعماله فيهما والأصل فيه
الحقيقة ، وصحّة التقييد بكلّ منهما ، وحسن الاستفهام بأنّه هل تريد منه المرّة أو
التكرار؟
والجواب عن الأوّل
: ما مرّ مرارا من أنّ الاستعمال بمجرّده لا يصلح دليلا لكونه أعمّ ، ولو انضمّ
إليه مقدّمة الغلبة لكان لنا لا علينا ، لثبوتها في جانب الماهيّة كما يتّضح لمن
لاحظ موارد الاستعمالات العرفيّة جيّدا.
وعن الثاني : ما
أشرنا إليه إجمالا عند تقرير أدلّتنا من أنّ قضاء صحّة التقييد بالاشتراك فرع
انفهام التأكيد عن القضيّة في الجملة ، ولو كانت لها جهة تأسيس أيضا كما يظهر
بالتأمّل في قولنا : « العين الجارية » و « العين الباكية » وهذا محلّ منع هنا كما
تقدّم.