اختلف القائلون
بكون الأمر لطلب الماهيّة في كون ما زاد على المرّة الاولى من الثانية والثالثة
امتثالا وعدمه ، على أقوال :
أحدها : كونه
امتثالا ، وهو ظاهر المصنّف فيما ذكره ردّا على حجّة القائل بالمرّة ، والمحكيّ عن
العضدي والتفتازاني.
وثانيها : العدم ،
وهو لجماعة من المحقّقين منهم بعض الأعلام ، وبعض الأعاظم ، وابن عمّنا السيّد
قدّس الله روحه [١].
وثالثها : التفصيل
بين ما لو وجد الأفراد دفعة أو على التعاقب ، فعلى الأوّل يحصل الامتثال بالجميع
وعلى الثاني لا امتثال إلاّ بالمرّة.
حجّة الأوّلين :
شهادة العرف بأنّ الصيغة إذا كانت للقدر المشترك بين المرّة والتكرار ـ وهو طلب
الحقيقة ـ فلا جرم يحصل الامتثال بأيّهما اتّفق.
واورد عليه تارة :
بأنّه بعد الإتيان بالطبيعة في ضمن المرّة يتحقّق أداء المأمور به قطعا فيحصل
الامتثال ، وهو قاض بسقوط الأمر ، ومع سقوطه لا مجال لصدق الامتثال ثانيا وثالثا.
وقد يعلّل ذلك :
بأنّ الامتثال عقيب الامتثال مع وحدة الطلب غير معقول ، لأدائه إلى تحصيل الحاصل.
واخرى : بأنّ
الامتثال بما زاد على المرّة مبنيّ على تعلّق الأمر به إمّا إيجابا أو ندبا ،
فيلزم إمّا القول بالتكرار أو استعمال الأمر في الحقيقة والمجاز ، وكلاهما فاسدان.
ولا يخفى ما فيه
من عدم صلوحه ردّا في هذا المقام ، لتمكّن الخصم عن دفعه باختيار كلّ من الشقّين ،
ويقول : إنّ التكرار عند أصحاب القول به ما كان مدلولا للّفظ ناشئا عن الوضع ، وما
التزمنا به من الامتثال الوجوبي فيما زاد على المرّة إنّما هو من مقتضيات العقل
بعد دلالة اللفظ على طلب أصل الطبيعة ، بملاحظة أنّها لا توجد في الخارج إلاّ في
ضمن الفرد ، فكما أنّها توجد في ضمن واحد من أفرادها فكذلك توجد في ضمن متعدّد
منها ، فلابدّ من الإتيان بأحدهما مقدّمة لإيجادها الّذي هو المأمور به ، وبين
المقامين بون بعيد.
وإنّ طريق إفادة
الأمر كلاّ من الوجوب والندب غير منحصر في الاستعمال فيهما بالخصوص بما هو غير
جائز أو مرجوح حتّى يلزم المحذور ، لجواز تعلّق الإرادة بما هو