ويمكن القول
بالاستغناء عن القيد المذكور بملاحظة ظهور الصلة في التعلّق الحقيقي ، فيخرج به ما
يكون تعلّقه بواسطة غريبة ، حتّى نحو وجوب الوضوء بالقياس إلى الصلاة بواسطة كون
الوضوء من شروط صحّة الصلاة ، فإنّه وإن صحّ فرض تعلّقه بالصلاة ، بأن يقال : إنّ
معنى قولنا : يجب الوضوء في الصلاة ، يؤول إلى قولنا : يجب الصلاة مقرونة بالوضوء
، إلاّ أنّ كونه حكما فرعيّا ليس بهذا الاعتبار البعيد ، الّذي ينشأ بعده من كون
اسناده إلى الصلاة مجازيّا ، بل باعتبار تعلّقه بنفس الوضوء الّذي هو عمل وتعلّق
به الحكم المذكور بلا واسطة.
ثمّ إنّ هاهنا
إشكال يصعب دفعه ، يرد على ما ذكر من تعريف الحكم الفرعي ، وهو لزوم أحد الأمرين
من انتقاض طرده أو عكسه بالأحكام الوضعيّة ـ بناء على كونها من الأحكام الشرعيّة ـ
فإنّها إن كانت من الأحكام الفرعيّة والمسائل الفقهيّة انتقض العكس بخروج جملة
كثيرة منها ، وإن لم تكن منها انتقض الطرد بدخول جملة اخرى ، وينتقض من جهته حدّ «
الفقه » بأحد الوجهين ، لاشتماله على قيد « الفرعيّة » بالمعنى المذكور.
وتوضيحه : أنّ
الأحكام الوضعيّة حسبما ساعد عليه الاستقراء أنحاء :
منها
: ما هو متعلّق
بعمل المكلّف كالسببيّة المتعلّقة بالوضوء وأخويه ، والإتلاف والغصب والقتل
والجناية ونحوها ، حيث إنّ الثلاث الاولى أسباب للطهارة وتالياها سببان للضمان ،
والأخيران سببان للقصاص والدية.
ومنها
: ما هو متعلّق
بعين المكلّف ، كطهارة المسلم ونجاسة الكافر ، والولاية والسلطنة والمالكيّة
والوارثيّة والمورثيّة ونحوها.
ومنها
: ما هو متعلّق
بحال من أحوال المكلّف ، كالشرطيّة للطهارة ، ومستوريّة العورة ، وكونه مستقبل
القبلة ، والمانعيّة للحيض والحدث والنجاسة ونحوها.
ومنها
: ما هو متعلّق
بالأعيان الخارجيّة ، كنجاسة الكلب والخنزير ونحوهما ، وطهارة الماء والغنم
وغيرهما.
ومنها
: ما هو متعلّق
بحال من أحوال الأعيان الخارجيّة ، كالسببيّة لدلوك الشمس.