ومنهم من فسّره
بسرعة الانتقال من المبادئ إلى المطالب ، وهذان الاستعمالان كما ترى غير معهودين
في الاستعمالات العرفيّة.
نعم كثر وشاع
إطلاقه عليهما في لسان العرف الخاصّ كما هو واضح بالوجدان ، لكنّه لا ينفع فيما هو
مقصود المقام ، مع ما فيه من اقترانه بقرينة الحال ، من حيث وروده في مقام المدح
والوصف.
ولعلّ الّذي فسّره
بهما اشتبه عليه الأمر بملاحظة هذه الاستعمالات ، ومن هنا ضعف كلام من جزم بكونه
لجودة الذهن ، فردّ تفسيره بالعلم المقتضي لترادفهما ، بدعوى الفرق بينهما كالفرق
بين العامّين من وجه ، لتصادقهما في العالم الفطن وتفارق « الفهم » في العامي أو
الطفل الفطنين ، وتفارق « العلم » في العالم الغبي ، فإنّ هذا الفرق مبنيّ على
الأخذ بما هو في لسان أهل العرف الخاصّ ، فلا ينهض دافعا للقول المذكور.
وأمّا
الثاني : فاختلفت عباراتهم
أيضا في تعريفه ، اختلافا راجعا إلى مجرّد التعبير دون المسمّى ، حيث إنّه عند
الجميع شيء واحد عبّر عنه كلّ أحد بما ساعد عليه نظره ، بزعم أنّه لو لا التعبير
به لم يسلم التعريف طردا أو عكسا أو غير ذلك ممّا اعتبر مراعاته في التعاريف ،
ونحن نقتصر منها على ما اختاره المصنّف ـ تبعا للأكثر ـ من أنّه : « العلم
بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة ».
[٣] قوله : ( وفي الاصطلاح
... الخ )
لا يذهب عليك ،
أنّ هذا اللفظ حيثما اطلق عقيب ذكر المعنى اللغوي يراد به ما يقابل العرف العامّ
وعرف الشرع ، فورود الحدّ المذكور أو غيره من مرادفاته في كلام الفقهاء أو
الاصوليّين ـ قديما وحديثا ، من العامّة والخاصّة ـ مقيّدا بالاصطلاح ، تصريح
بكونه معنى جديدا محدثا من المجتهدين ، من دون أن يكون للشارع فيه من حيث إنّه شارع
مدخل وتصرّف فيه فليس من المعاني الشرعيّة ، ولا لفظ « الفقه » بالقياس إليه من
الحقائق الشرعيّة ، كما هو الراجح في النظر القاصر لعدم ثبوت كون المعنى المذكور
من مخترعات الشارع ليدخل اللفظ