ثمّ ظاهر هذه
العبارة مع ما يرد على التنزيل المذكور من عدم مساعدة أطراف المسألة عليه ، ولا
سيّما التعبير عن العنوان « بأنّ الألفاظ هل هي أسام للامور الواقعيّة أو المعلومة
» ربّما يوهم كون معقد الخلاف ما بعد الفحص والعجز عن العلم وهو خلاف التحقيق ،
فإنّ ثمرة الخلاف على ما ذكروه ـ سواء فرض وقوعه في دخول العلم في المداليل بحسب
الوضع أو بحسب الخطاب ـ إنّما تظهر في وجوب الفحص وعدمه ، قال العلاّمة الطباطبائي
بعد اختياره القول المشهور :
وممّا يتفرّع على
ذلك ، وجوب الفحص والاجتهاد مع الجهل بالحال ، كما لو قال : « صلّ إلى جهة الكعبة
» و « اعمل برواية العدل » فإنّه يجب الاجتهاد في تعيين سمت القبلة ، والتفتيش عن
عدالة الراوي مع الجهالة ، لإطلاق التكليف وتحقّق القدرة على الامتثال ، ولو كان
العلم بالوصف معتبرا في صدق اللفظ لم يجب الفحص والاجتهاد قطعا ، إذا التكليف
حينئذ مشروط بتقدّم العلم ، ووجوب البحث معه تحصيل الحاصل [١] انتهى.
ويمكن توجيه
العبارة بحمل ما ذكره من الفروع على كونه تفريعا على القول بالامور الواقعيّة ،
وقوله : « وإنّما الخلاف فيما تعلّق به الحكم ولم يقدر المكلّف » الخ ، قصور في
التأدية.
ومن فروع المسألة
أيضا ـ على ما ذكره العلاّمة المذكور ـ اشتراط عدالة الراوي وعدم حجّية خبر مجهول
الحال لما عرفت ، من أنّ العادل اسم لمن ثبت له وصف العدالة في نفس الأمر ،
والفاسق لمن ثبت له الفسق كذلك ، والمجهول الحال في نفس الأمر إمّا عادل أو فاسق ،
وليس واسطة بين العادل والفاسق الواقعيّين ، وإنّما هو واسطة بين معلوم العدالة
ومعلوم الفسق ، والحكم بالتثبّت في اية النبأ عند خبر الفاسق يقتضي وجوب التوقّف
عند إخبار من له تلك الصفة في الواقع ، فيتوقّف القبول على العلم بانتفائها ، ويجب
التوقّف مع العلم بثبوتها أو بالجهل بالحال ، إلى اخر ما ذكره.